د. مجدى بدران يكتب: التدخين والأوتيزم

  • 3/10/2019
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

مازالت أغلب مسببات الأوتيزم غامضة، وهى فى الغالب متعددة و محصلة لتفاعل مسببات جينية مع عوامل بيئية. أطفال الأوتيزم يعانون من مشاكل في اللغة والتخاطب ، و لا يميلون لمشاركة الأطفال الآخرين في اللعب ، و ينفعلون و يغضبون عند محاولة التدخل فى خصوصياتهم ، و كأنهم يعيشون مع أنفسهم فقط ، لا يهتمون بمن ينظر إليهم وكأنهم لا يرونه ،و لا يستجيبون لمن يتحدث معهم وكأنهم لا يسمعونه ، و لديهم ميل لحركات تكراريه ، و أنماط غذائية يرفضون التخلى عنها ، و تكثر لديهم نوبات الغضب ، و فرط الحركة و قلة التركيز .مصطلح الأوتيزم اشتق من كلمة أوتوس وتعنى النفس أو الذات ، فهم يعيشون مع أنفسهم . تشتمل اضطرابات الأوتيزم مجموعة من المشاكل العصبية التنموية التي تبدأ في مرحلة الطفولة المبكرة ، تتميز بانخفاض التواصل الاجتماعي والتفاعل الاجتماعي، والتواصل اللفظي وغير اللفظي، مع أنماط سلوكية مقيدة و متكررة.الأوتيزم يتقدم عالميا ، و اليوم يصيب الأوتيزم من 1 %- 2 % من الأطفال فى العالم ، ويعانى منه واحد من أصل 68 طفلا فى الولايات المتحدة الأمريكية، و يصيب الأطفال الذكور أربع مرات ونصف أضعاف البنات . كانت معدلات الإصابة سنة 1966 من 4 – 5 لكل عشرة ألاف طفل ، و أصبحت طفل واحد من كل 150 طفل سنة 2000 ، ثم طفل واحد من كل 125 طفل سنة 2004 ، و طفل واحد من كل 110 طفل سنة 2006 ، و طفل واحد من كل 88 طفل سنة 2008 ، و طفل واحد من كل 68 طفل سنة 2010 !تشير الأبحاث الحديثة إلى وجود علاقة بين تلوث الهواء والاضطرابات العصبية و السلوكية لدى الأطفال . ارتبط التدخين خلال الحمل بالعديد من الأمراض فى الأطفال مثل أمراض القلب و الأوعية الدموية، و الجهاز التنفسي فى الأطفال ، و الغدد الصماء . الجديد إرتباطه بإضطراب الأويتزم ( التوحد ) ، ولقد تبين أن تدخين الأمهات عامل خطر للعديد من الاضطرابات العصبية التنموية مثل اضطراب نقص الانتباه و فرط النشاط ، و اضطراب السلوك ، و السلوك المعادي للمجتمع . تدخين الأم الحامل يرتبط بتوتر الأم وبالتالى يعنى مزيدا من التدخين و وصول كيمياء الغضب للجنين ، أو حدوث حمل غير مرغوب ، أو لم يخطط له .تبين أن النيكوتين يضر تطور الأعصاب و المخ ، مما يضر عرقلة تطور المسارات العصبية الحرجة في المخ الآخذ فى النمو ، بما يماثل تشوه الأعضاء خلال الحمل . التدخين يؤخر نمو و تطور المخ ، و النيكوتين هو الماده المسببه لادمان السجائر و هو سم بطئ لأجنة الإنسان يسبب تقلصا في شرايين مخ الجنين ، و مع دخان كل سيجارة تصل الجنين يقل التدفق الدموي في المشيمة لمدة ‏15 ‏ دقيقة مما يتسبب في زيادة معدل ضربات قلب الجنين، ويقلل وصول الأكسجين له بنسبة‏ 40 %‏ . يسبب النيكوتين زيادة خطر حدوث تكلسات و تليف في المشيمة ،و ضيق فى الأوعية داخل الرحم ، و قلة تدفق الدم فى المشيمة ،والحبل الصرى ، و قلة وزن وصغر المشيمة ، مما يقيد من النمو الجنين داخل الرحم، و يسبب مشاكل عصبية و نفسية . النيكوتين يتراكم فى الجنين ، و بنسب أعلى من الأم الحامل المدخنة ،أو الأم التى تتعرض للتدخين السلبى . إحتمال قلة كتلة مخ الجنين ذاته يزداد أربعة أضعاف مع تدخين الأم الحامل .ينتج غاز أول أكسيد الكربون عن احتراق السجائر، و هو غاز سام ، يتمكن من عبور المشيمة ، و الوصول إلى الدورة الدموية للجنين ، ويصل لتركيزات أعلى من الأم الحامل نفسها . شراهة الهيموجلوبين لأول أكسيد الكربون 200 ضعف شراهته للأكسجين ، مما يعنى أن الهيموجلوبين يعانى من القصور الوظيفى ،وبالتالى عدم توفير الأكسجين بالمعدلات اللازمة لتطور و نمو المخ . أول أكسيد الكربون يقلل من نمو أعضاء الجنين . الرضع والأطفال هم ضعفاء بشكل فريد بسبب احتمال التعرض في البيئات الجنينية واللاحقة للولادة خلال فترات حرجة في التنمية.تلعب الوراثة دورا هاما فى توقيت ظهور عواقب تدخين الجنين ، و ربما تتأخر ظهور أثار التدخين لتظهر بعد الولادة وخلال سنوات الطفولة و ما بعدها ، فتؤثر سلبا على الذكاء أو التركيز أو فرط الحركة أو تعلم اللغة ، و نهج السلوك العدوانى . هناك معادن ثقيلة تنبعث من تدخين التبغ ، وهى سموم تضر المخ تتراكم في الجسم والمخ و تسبب أعراضا سلوكية وعصبية، مثل النيكل و الخارصين و الكادميوم و الكروميوم و الرصاص. الزئبق أهم السموم الأكثر شيوعا التي تتراكم ويعتقد أنها تلعب دورا رئيسيا في الأوتيزم . هناك زيادة الإجهاد التأكسدي فى أطفال الأوتيزم نتيجة نقص مضادات الأكسدة و زيادة الشوارد الحرة .الشوارد الحرة هى جزيئات تحمل أعدادا فردية من الإليكترونات مما يجعلها غير مستقرة تبحث عن إليكترونات تسرقها بتدمير الخلايا و الشفرات الوراثية و بالتالى تهتك أنسجة الجسم مضادات الأكسدة تمنع أكسدة الجزئات الضارة و تمنح الشوارد الحرة الإليكترونات وتجعلها مستقرة بلا تدمير لخلايا الجسم.إزدادت نسب الشوارد الحرة مؤخرًا فى جسد الإنسان نتيجة الثورة الصناعية ، و التوتر ، و الإضافات التى تضاف للأغذية كمكسبات اللون والطعم والرائحة والمواد الحافظة ، و طبخ الطعام بدون تغطيته ، و الإجهاد ، و المبيدات الحشرية ، و التلوث البيئى و التدخين . المواد المضادة للأكسدة تحمي الخلايا من التلف الناجم عن الشوارد الحرة.يسبب الإجهاد التأكسدي كمية هائلة من الالتهابات تسبب أعاقة تعلم اللغة، و الإعاقة الاجتماعية و الإدراكية. أظهرت الدراسات الحديثة زيادة الإجهاد التأكسدي لدى الأطفال المصابين بالأوتيزم . بينت دراسات أخرى أن المواد الغذائية المضادة للأكسدة يمكن أن تحسن أعراض الأوتيزم .هناك علاقة طرديه بين نقص الماغنيسيوم و تدخين التبغ ، و الماعنيسوم مهدئ للمخ إذ يكسب الاسترخاء عن طريق زيادة الموصل العصبى الأساسى الجابا فى المخ الذى يهدئ نشاط الدماغ. عند إنخفاض الجابا يصبح من المستحيل على المخ الاسترخاء . نقص الماغنيسيوم سبب رئيسي في القلق ، و نوبات الذعر . يقلل الماغنيسيوم من هرمونات مكافحة الإجهاد و التوتر ،ويحول دون دخولها المخ ، و يحمى الماغنيسيوم المخ من الإلتهابات . تؤثر السيتوكينات الإلتهابية على المخ أيضا ،و ترتبط بالقلق و الاكتئاب و فقدان الذاكرة واللامبالاة، وتباطؤ الاستجابات، والهيجان وعدم القدرة على التركيز، و زيادة التفكير فى الانتحار .يزيل الماغنيسيوم المعادن الثقيلة من الجسم ، و ترتبط المعادن الثقيلة مثل الزئبق والرصاص و الألومنيوم بالقلق والأوتيزم و قائمة طويلة من الاضطرابات العصبية .الماغنيسيوم من العناصر الغذائية القليلة المعروفة التى تعين المخ على المرونة العصبية والعودة لطبيعته ، و الماغنيسيوم يعمل على إستقرار مستوى السكر في الدم ، و الجلوكوز هو مصدر الوقود الرئيسي للمخ ، و يحتاج المخ إلى مستوى معتدل من الجلوكوز لإنتاج الطاقة اللازمة للقيام بوظائفه . يساهم الماغنيسيوم فى ارتخاء العضلات بعد المجهود فيختفى التعب ، والجديد هو استخدامه فى علاج الحد من الحركه الزائده ونقص التركيز فى الاطفال . التدخين يسبب نقصان كبير فى مستويات مضادات الأكسدة خاصة فيتامين س ، و فيتامين هـ ، و البيتاكاروتين المصدر الرئيسى لفيتامين أ ، و الجلوتاثيون . الإجهاد التأكسدي يحدث إذا كان الجسم ليس لديه ما يكفي من المواد المضادة للأكسدة ، و لقد ارتبط الإجهاد التأكسدي بالتأخر في النمو والاضطرابات العصبية، و العديد من أمراض العصر .يقلل تدخين التبغ من استفادة الجسم بفيتامين ب 6. يفيد فيتامين ب6 أطفال الأوتيزم و مرضى الألم المزمن، و الاكتئاب، و ذلك لدوره الهام في إنتاج الموصلات العصبية. فيتامين ب6 ضروري لأكثر من مائة من الإنزيمات التى تشارك في عمليات التمثيل الغذائي و تحلل الأحماض الأمينيه غير الأساسيه وتحلل الجليكوجين لاطلاق الطاقه ، و تصنيع الهيم و هو الجزء الغير البروتيني من الهيموجلوبين الذى يحمل الأكسجين من الرئتين إلى أنسجة الجسم ، و تصنيع الأحماض النوويّة ، و النمو الطبيعى للأطفال.يعتبر فيتامين ب6 هام لتحويل الحمض الأميني تريبتوفان إلى النياسين و هو فيتامين ب 3، و الموصل العصبى سيريتونين هرمون السعادة ، والعديد من الموصلات العصبيّة الأخرى، مثل الأدرينالين و النورأدرينالين ، و الهيستامين الذي يشارك في الاستجابات المناعية ، و يعمل كموصل عصبي ، و الاستجابة الالتهابية و محفز للإفرازات المعويّة . فيتامين ب6 هام أيضا لتكوين الجابا .

مشاركة :