يكاد يكون من المعلوم والمتفق عليه أن زيادة الهجرة إلى بلد يحتاج إلى الأيدي العاملة كبلدنا تكون (أي الهجرة) عبئاً على التسهيلات والخدمات المتوفرة، والتي خُصصت مبدئياً لخدمة البلد وأهل البلد. ونرى أوروبا مثلا تُجند إمكانياتها لمنع الهجرة الجزافية التي نسمع عن كوارثها المميتة عبر البحر المتوسط. وكانت أوروبا دون استثناء إلى سنين قريبة تحتاج إلى عمالة غير مهرة ورخيصة أيضاً. لكن إذا كان ذلك يأتي عن طريق حرمان أهل البلد من الإمكانيات الصحية والاجتماعية والبيئية، فإن أهل أوروبا بدأوا يفكرون مرتين قبل إدراج حاجتهم إلى تلك العمالة، لأنهم رأوا أن خدمات رعاية الحوامل من غير بنات البلد له نتائج غير سليمة، أحدها بقاء المواطن في الانتظار لمدد لم يتعوّدوا عليها. وكذا خدمات المجاري والمياه والكهرباء والتعليم. رأت بعض دول الخليج العربي دراسة زيادة الرسوم على الخدمات الصحية للوافدين الأجانب بنسبة كبيرة، بما يخفف العبء عن ميزانية البلاد التي تواجه احتمال العجز بسبب تراجع أسعار النفط فكروا كم مليون وافد أجنبي يمثلون نسبة واضحة في البلد من عدد السكان يتلقون خدمات الصحة الحكومية المقدمة مجاناً أو بتكاليف زهيدة تساعدهم على توفير قسم من رواتبهم المتدنية لإرسالها إلى ذويهم في بلدانهم الأصلية. وفي مشافٍ كبيرة أهلية وحكومية رأيت بأم عيني أفراداً أستنتج أنهم من غير السعوديين ، يتلقون رعاية درجة أولى. وأكاد أجزم أن الغرفة جاءت على حساب حالة مواطن أو مواطنة تأجل تنويمها لندرة الأسرّة. ووصلت الحالة إلى تصريحات مسؤولين صحيين في الوزارة بوجوب إعادة النظر في الرسوم الصحية للوافدين بما يتوافق مع الكلفة الفعلية الحالية للخدمات الصحية المقدمة لهم. وحذّر مسؤولون خليجيون من تضخم العمالة الوافدة وتفاقم البطالة بين مواطني دول الخليج، وأثر ذلك في خفض معدلات أجور المواطنين في القطاع الخاص، في ظل تزايد الطلب على العمالة غير الماهرة، داعين إلى إستراتيجية عمل مشتركة لمواجهة أزمة البطالة في المنطقة. ونتفق على أن ارتفاع عدد العمالة الوافدة أصبح مقلقاً للحكومات والمجتمع بصورة عامة، وإن ارتفاع الطلب على العمالة غير الماهرة أثَّر سلباً على أجور العمالة الوطنية في القطاع الخاص. لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net
مشاركة :