على عهدي ببريطانيا، قصدي أوائل السبعينيات من القرن الماضي الميلادي كان هناك نظام إقامة يُتيح للأجنبي الإقامة في البلد إذا أحضر خطابا من شركة ذات سجل ضريبي تقول فيه إننا نحتاج إليه أو إليها. وطبعا تغيّرت الأحوال نتيجة القلق من تزايد عمالة يُحتمل أن يحلّوا محل البريطاني. موجب القول إن كل بلد يحتاط من تنامي أفراد أغراب عن البلد، وظهرت أنظمة وقوانين تُعالج الظاهرة. وكان الخوف فقط يتركز على مزاحمة ابن الوطن، ثم برزت أسباب كثيرة. بدايات التنمية والفيض في بلادنا أوجدت بعض الأنظمة والتعليمات التي كان مقصدها حفظ حقوق الدولة والأفراد ورعاية الأمن، ومراقبة التعامل الحسن. فكان أقرب شيء للتعامل مع هذا النهج هو وجوب إيجاد "كفيل" لكلّ من يعتزم القدوم الى البلاد. صناعة وزراعة وخدمات، منزلية أو غيرها. نعم، من حق الدولة - أي دولة - استنباط الوسائل الدقيقة لحماية أمنها وأمن مواطنيها. سارت الأمور كما ينبغي في فترة أو فترات من الماضي. لكنها الآن بدت غامضة بعض الشيء. لكون الحجة الدامغة التي كان يحملها أصحابها (أصحاب نظرية الإبقاء على الكفيل) انتفت أخيرا، حيث أصبح الكفيل مجرد عمل ورقي. فقد نجد المكفول في الرياض وكفيله في شرورة (مثلا). والدولة وعناصرها الأمنية مسيطرة، بواسطة أجهزتها وحاسوبياتها وتقنياتها. ولم يعد مطلوبا من الكفيل أن يكون سورا أو حرزا للوطن. الكفيل فقط يجيد الاحتفاظ بجواز سفر مكفوله، وتقاضي المقسوم (رغم تعارض هذا الأسلوب مع قوانين العمل الدولية). إذاً ألا نكون بحاجة الى مراجعة مسألة الكفيل هذه؟ ومحاولة معالجة المعاناة النفسية التي عانى ويعانى منها العمال الأجانب من جرّاء تسديده أتاوة شهرية أو سنويّة، تكون على حساب المستهلك السعودي، أو طالب الخدمة السعودي. فمؤسسات الخدمات، بما في ذلك المشافي والمجمعات الصحية تحسب حساب تلك "الأتاوة" الغريبة والشاذة، وحتما ستُحمّلها طالب الخدمة، من طبابة.. وصيانة معدات وحتى السباكة والكهرباء. قارنوا بين خدمة منزلية تُقدّم في البحرين (مثلا) وبين مثيلاتها عندنا. وعند سؤال العامل أو الشركة عن المبلغ الكبير يقول لك بكل صراحة "كفيل". ربما بدا للمعنيين إيجاد نظام بديل، يجعل القادم كفيل نفسه، مُطالب كغيره بمراعاة الأمن والنظام وحقوق الغير. ويجري استقدامه على أساس الفنيّة التي يجيدها. فإن أخل بالعهد والنظام والعرف والدين فالمطار قريب. وتأكدوا أنه لن يفعل.. لكونه يبحث عن رزق تعود منفعته له.. وليس لكفيله. وأُنهي بالقول إن نسبة كبيرة ممن دينوا بجرائم ترويج الدعارة والمخدّر والتزوير والنصب والاحتيال، جاءوا كعمالة.. وربما بكفلاء..!. لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net
مشاركة :