لا أعرف أرخص من إجازة مسؤول التذاكر أو سائق مواصلات النقل العام في بريطانيا. فهو - أي قاطع التذكر أو السائق – لا يبتعد كثيرا عن عمله إذا تمتع بإجازة أسبوع أو أسبوعين. يُحب السائق أن يقضى يومه مع زملاء مهنته، ويتنقل معهم. أولاً لأن رحلاته مجانية في نطاق البلدة التي يعمل بها، وثانيا أن قضاء الوقت بالتردد على المقاهى يُكلّف. فهو يركب المواصلات وغالبا يجد من زملائه العاملين ترحيبا وأخبارا ونكتا، وهذا ما يحتاجه ويبحث عنه من أخذ عطلته. وربما أجدها فرصة لآتي بعبارة يستعملها الإنجليز منذ العام 1898م، مما يدل على تأصّل الممارسة عندهم. وقد يراها الباحثون عن المصطلحات ذات فائدة لاستعمالها في أحاديثهم الدارجة. هذه العبارة هي: busmans holiday ويتحدّث بها من رأى نفسه يعمل، أو يُلزم نفسه بمرافقة أهل مهنته طوال اليوم، لا لشيء إلا لكون الضجر يأخذ منه مأخذه لو بقي في المنزل. فهو يجد الانتقال المجاني، ويجد الرفقة والمعرفة بالأشخاص الذين يجيدون الحديث عن المهنة ومتغيّراتها. وما قلته ينطبق على الإجازات الدورية الفردية. أما الإجازة الجماعية فعادة تُحددها نقابة المهنة، فالحلاقون مثلا يأخذون عادة نصف يوم في منتصف الأسبوع، حسب الدائرة التي يعمل من ضمنها. والسبب أن الناس اعتادت على قص شعورها قبيل عطلة الأسبوع (الويك إيند) ويكون الإقبال على دكاكين الحلاقة منتصف الأسبوع ضعيفا، فيقفل الحلاقون مستبدلين ذلك بالفتح طوال يوم السبت. وهكذ النقابة وأرباب المهنة مسيطرون حتى على ساعات عمل أعضائها. أصل إلى أن الإجازة الأسبوعية عندنا تنتصب عائقا لخدمات هامة مثل صالات صناديق البريد. فالذي يريد الذهاب إلى صندوق بريده في العطلة الأسبوعية لن يتمكن لأن صالة الصناديق مُغلقة. العطلة عندنا تأخذ أبعادا تجارية أخرى. ففي العطلة الأسبوعية يصغر حجم الصحف، ويقل المعلنون، وكأن القراءة والصحف مربوطان بالدوام الرسمي. وقالوا أيضا إن الحراك التوزيعي للصحف يقل عن حجمه في أيام العمل. ويرى البعض جدوى جعل محطات الوقود توقف الخدمة من الساعة الحادية عشرة صباحا بدلا من العاشرة، وتفتح مباشرة بعد الصلاة. لأن خطبة الجمعة لا تبدأ قبل الحادية عشرة وخمس وأربعين. والصلاة الساعة الثانية عشرة. والوقود والمواصلات يحتلان أهمية حيوية للمارين بالمدن والمتجهين إلى ضرورات عملية أو صحية. وقد تكرر الاقتراح ونوقش كثيرا، ولا أعرف ما انتهى إليه.
مشاركة :