ســـرديــــات: إعادة اكتشاف مدائن صالح.. سرديات ثمود الكبرى!

  • 12/22/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

برنامج «على خطى العرب» الذي يقدمه الإعلاميّ الباحث السعوديّ الدكتور عيد اليحيى في قناة العربيّة، هو واحد من أنجح الأفلام الوثائقيّة الخاصة بمنطقة الجزيرة العربيّة من خلال الحديث عن مناطق مفصليّة في تاريخ العرب منذ أقدم العصور. وعيد اليحيى هو واحد من الرحّالين العرب المتأخرين، إن جازت لنا هذه التسمية، ولكنَّ الفارق بينه وبين الهولنديّ «البدويّ الأخير» بول مارسيل كوربرشوك الذي عشق صحراء النفود أنَّ اليحيى بدوي من هذه المنطقة، وهو عندما يرتحل سيرتحل فقط في التاريخ وليس في المكان. لقد اصطحبنا اليحيى معه إلى مناطق شعراء المعلقات الجاهليّة، وأماكن اندلاع الحروب التاريخيّة الكبرى مثل حرب داحس الغبراء على سبيل المثال. وصحّح اليحيى بعض الأخطاء التي تداولها باحثون عن مناطق القبائل العربيّة التاريخيّة مما أسهم في صناعة متخيّل تاريخيّ سرديّ امتاز بالتضخيم الحكائيّ على مدى القرون تولّد معها عدد كبير من الأساطير تفترق عن المرجعيات السياسيّة والاجتماعيّة للحقائق التاريخية. وفي إحدى الحلقات الأخيرة من هذا البرنامج أجرى اليحيى مقابلة مع الطفلة الصغيرة فاطمة ممدوح الشمريّ التي عرّفها بأنها أصغر شخص في العالم يتقن قراءة النقوش الثموديّة بطلاقة. وهذه الطفلة الشمريّة الصغيرة هي ابنة هذه المنطقة تمرَّست على ارتياد صحراءها وقراءة نقوشها شأنها في ذلك شأن بعض أبناء هذه المنطقة التاريخيّة الموغلة في قدم تاريخيّ يبلغ عمره أكثر من ثمانية آلاف عام. لقد أتاحت المملكة العربيّة السعودية منطقة العلا التاريخيّة التي تشتمل على مدائن صالح للسياحة العالميّة من خلال برامج ثقافيّة على درجة عالية من العمق والاحترافية بما فيها مهرجان شتاء طنطورة الذي استقطب في الشتاء الماضي أبرز رموز صناعة الثقافة في العالم كلِّه، وبما في الرحلات باذخة الجمال من خلال ارتياد مناطيد والتحليق بها فوق مدائن صالح. كما أتاحت المملكة العربيّة السعودية هذه المنطقة التاريخيّة لبعض البعثات التاريخيّة يشترك فيها الباحثون التاريخيون السعوديون مع الباحثين الأجانب. وقد تسفر هذه التنقيبات عن كشوف آثارية متوقعة عن إعادة قراءة التاريخ القديم الخاص بمنطقة الجزيرة العربيّة والشرق الأدنى منذ أقدم العصور. اعتنى بتاريخ هذه المنطقة عدد كبير من المستشرقين والآثاريين والرحّالين الغربيين إلى جانب بعض النقاد الغربيين، ومن الكتب التي تستحق القراءة قبل أيّ رحلة لكم إلى هذه المنطقة الغامضة الجاذبة تاريخيًا «مدائن صالح» كتاب «العرب والغصن الذهبيّ» للمستشرق الأمريكيّ ياروسلاف ستيكيفتش الذي فكّك قصة ثمود في المتخيّل السرديّ العربيّ الثقافي وفقًا لمنهجية بالغة الرصانة: إنّه كتاب يستحق القراءة بتمعن شديد. ‭{‬ أستاذة السرديات والنقد الأدبي الحديث المساعد، كلية الآداب، جامعة البحرين. dheyaalkaabi@gmail.com

مشاركة :