مأزق أوباما | د. إبراهيم عباس

  • 10/27/2013
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ما كشفته صحيفة "الجارديان" البريطانية عن الوثيقة السرية الجديدة التي سربها المحلل الأمريكي الاستخباراتي السابق إدوارد سنودن حول تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكية على المحادثات الهاتفية لـ35 من زعماء العالم أصاب المجتمع الدولي بصدمة كبيرة، لا سيما وأن الكشف عن هذه الوثيقة جاء عقب ما رددته وسائل الإعلام الدولية حول تجسس واشنطن على 80 مليون مكالمة هاتفية لمواطنين فرنسيين، ثم الكشف مؤخرًا عن تجسسها على الهاتف المحمول للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل نفسها. تزامن هذه الصدمة مع القنبلة السياسية المدوية التي فجرتها المملكة برفضها العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي - الذي تهيمن عليه الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة - احتجاجًا على سياسة ازدواجية المعايير التي يطبقها المجلس وتقديمها مثالين واضحين على تلك الازدواجية لا يقبلان الجدل أو التشكيك، وهما القضية الفلسطينية والأزمة السورية، يزيد من وطأة الموقف الصعب الذي تواجهه إدارة الرئيس أوباما الذي تشتد الخصومة بينه وبين الكونجرس يومًا بعد يوم بشأن موقفه المتردد والغامض إزاء إيران وسوريا، وهو ما يضعه في موقف صعب غير مسبوق في تاريخ الإدارات الأمريكية السابقة يزيد من صعوبته بدء تذمر المجتمع الدولي من الاستخدام غير المشروع للطائرات بدون طيار الذي أصبح يستخدم على نطاق واسع في باكستان واليمن بشكل خاص، بحجة تعقب الإرهابيين دونما أي اكتراث لسقوط الأعداد الكبيرة من المدنيين خلال تلك الغارات. ما زاد الطين بلة في موضوع تجسس واشنطن على الحلفاء الذي وصفته صحيفة الإنديبندنت بأنه "فضيحة" والذي قفز إلى صدارة المشهد الأوروبي للمرة الأولى أمس واحتل عناوين معظم الصحف الأوروبية، ما تردد أيضًا عن تجسس إسرائيلي مماثل على فرنسا، وما اتضح مؤخرًا بأن صاحب برنامج (فايبر) المستخدم من قبل الملايين في هواتفهم المحمولة هو أمريكي إسرائيلي متهم هو الآخر بالتجسس. كان من الطبيعي أن يخيِّم هذا الموضوع على أعمال قمة الاتحاد الأوروبي التي انطلقت في بروكسل أمس الأول، وأن تكون له تأثيراته على العلاقات بين الحليفين الأمريكي والأوروبي عبر الأطلسي، حتى وإن جاءت تصريحات بعض المسؤولين من الجانبين عكس ذلك، فالمواطن الفرنسي العادي لا بد وأن تساوره الشكوك وينتابه القلق حول تقلص مساحة الحريات الشخصية له بعد انكشاف هذه الفضيحة في موطن الحرية في أوروبا، التي تنظر إلى الحرية الشخصية على أنها المكون الأساس في مفهوم حقوق الإنسان منذ عهد فولتير ومونتسيكيو بعد اكتشافه لهذا الاختراق الكبير لتلك الحريات والحقوق من (الأخ الأكبر)!.

مشاركة :