المبتعثون أمانة في أعناقنا حيثما كانوا. والنظر إليهم بعين الرحمة والعطف حق لهم وواجب على كل مسؤول عنهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة. لكن في المقابل لا بد أن ينظر الطالب إلى كل إيجابية يحظى بها أو خدمة يتلقاها بعين الرضا والاهتمام، وألا يعتبرها فرصة لاستغلالها لأقصى حد. المال أولاً هو مال الوطن، وكل المواطنين شركاء فيه. ولذا فالاعتداء على المال العام أيا كانت صورته هو ارتكاب لمحرم شرعاً، ثم هو اعتداء على حقوق الآخرين. صحيح أن الذين يفعلونه قلة، لكن المحصلة هو عموم البلوى على الكثرة، ولعل شكوى الطلبة المبتعثين في الولايات المتحدة ترسم نموذجاً واضحاً لهذا السلوك المجانب للصواب، وأعني بها الزيادات التي طرأت على أسعار بعض الخدمات الطبية المقدمة للمبتعثين هناك. التعليمات الجديدة تقضي بفرض رسم قدره 100 دولار لكل زيارة لعيادات الطوارئ، ومثلها لكل زيارة لعيادة أو مستشفى خارج نطاق الشبكة المعتمدة (آتنا) مع تحمل المبتعث التكلفة الإضافية في حال زادت تكلفة العلاج عن المعدل الطبيعي. أما الهدف فهو الحد من هذه التجاوزات التي يمارسها البعض دون حاجة ماسة. وطبقاً لما قاله مساعد الملحق الثقافي د. مساعد العساف، فإن ثمة مبتعثين يتلاعبون ويتسيبون وعن زيارة عيادات الطوارئ لا يترددون، ولو كانت القضية لا تتجاوز كونهم (يكحون) أو (يسعلون). هذا الإسراف في استخدام ما يُظن أنه (حق) لا بد وأن يفضي في النهاية إلى نزع هذا الحق. وفي المقابل يضيع (أبرياء) في الطوشة بسبب هؤلاء، فيضطرون إلى تحمل ما لا يطيقون خاصةً إذا كانوا مصطحبين لزوجاتهم وأطفالهم. كيف السبيل إلى الموازنة بين وجهتي النظرين: الرافضة للرسوم الإضافية والداعية إليها! حقيقة لا أعلم! لكن أحسب أن هذا السلوك ليس غريباً علينا حتى في المملكة، بل إن كثيراً من مبتعثينا تشربوا هذه التصرفات العبثية من المجتمع الذي جاؤوا منه حتماً، فهو ليس وليد رحلة الابتعاث، وإنما معضلة ما قبل الابتعاث. هو عبث لا يختلف عن التفحيط والقيادة المتهورة ورمي الزبالة في الشارع ومعاكسة الإناث والضرب عرض الحائط بكثير من القيم والمبادئ والمثل. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :