النظام العالمي والتحالفات الإقليمية يمكن أن تتغير بحسب الظروف، وليس ببعيد أن تصنف كظاهرة طبيعية، خصوصاً مع كورونا. الفيروس يعد سبباً جوهرياً لتغيير النظام الدولي، بعد الانتهاء من هذه الجائحة، وسواء كانت النهاية قريبة أم بعيدة، إلا أن الدول لا تتعامل مع هذه الأزمة بنطاقها الوطني، لأنها أزمة عابرة للحدود امتدت لتؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، ويعد الأمر اختباراً حقيقياً للتحالفات والتكتلات. فالإفرازات السياسية لهذه الأزمة لم تظهر بعد كحال الآثار الاقتصادية، لكن بعد الانتهاء من هذا الفيروس ستبدأ معركة أخرى على النطاق السياسي والاقتصادي ليعاد مشهد 11 سبتمبر من جديد حين تبدل النظام العالمي من حيث الأولويات والتكتلات، بحسب المواقف التي اتخذتها الدول في ذلك الوقت. إلى الآن لا توجد جهود دولية موحدة لمواجهة فيروس كورونا كما كانت في مواجهة الإرهاب، رغم أن نظريات المؤامرة لا تخلو في الأزمتين، إلا أنه على أقل تقدير الجهود الدولية والتعاون الدولي الذي بذل لمواجهة الإرهاب كانت أكثر جدية من الجهود التي تبذلها الحكومات العالمية في مواجهة كورونا. الخطأ المرتكب في هذه الأزمة أن الدول تتعامل بنطاقها الحدودي والوطني، لذا فإن غياب التعاون الدولي في هذا الإطار لن يحل الأزمة في وقت قريب. فما الفائدة لو افترضنا أن تتعافى دولة من الجائحة والدول المجاورة منها تعاني تفشي الفيروس ! سيستمر الأمر كما هو، سواء إغلاق المطارات، أو الحدود أو استمرار جميع الإجراءات الوقائية التي اتخذتها معظم الدول. سياسة غلق الأبواب تماماً المتبعة في بعض الدول لا تخدم حل الأزمة، سواء من ناحية إنسانية أو اقتصادية وسياسية، لذا تقوم الإمارات بدور رائد على المستوى العالمي في هذه الفترة الصعبة، إيماناً منها بأن كل ما يؤثر على الدول الأخرى سيؤثر على بقية العالم، وأن الدول القوية تصنع من الأزمات فرصاً للاستثمار في المستقبل.
مشاركة :