مساعي الكاظمي لتحجيم دور الميليشيات العراقية تُزعج إيران | | صحيفة العرب

  • 6/28/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

دفعت أذرع إيران في العراق بكل ثقلها الإعلامي وغيره، السبت، في محاولة منها للتشويش على حملة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الرامية إلى تحجيم دور الميليشيات الموالية لطهران، خاصة وأن الحملة باتت تحظى بدعم شعبي كبير بعد اعتقال قيادات في حزب الله العراقي الموالي لإيران. بغداد – كشفت المواقف التي أعقبت المداهمة الأمنية لمقرات حزب الله العراقي الموالي لإيران عن نقطة تحول في تعامل حكومة مصطفى الكاظمي مع الخطر الذي تمثله الميليشيات، حيث تحولت الحكومة من موقع صد الهجمات على مقرات سفارات ومعسكرات إلى مواجهة صريحة مع أذرع طهران. ويرى مراقبون أن الميليشيات الشيعية الخاضعة لطهران بدت وكأنها ارتكبت خطأ فادحا، عندما كشفت عن جميع مراكزها السرية في بغداد. والخميس، اعتقلت القوات العراقية 14 عنصرا في ميليشيا كتائب حزب الله لدى محاولتهم تجهيز منصات لإطلاق صواريخ على مقرات حكومية وسفارات دول أجنبية، فيما ردت المجموعات المسلحة التابعة لإيران باستعراض عسكري فجر الجمعة، أظهر إمكانياتها العسكرية الكبيرة، مهددة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي شخصيا، بعدما اتهمته علنا بتطبيق خطة أميركية. ومنذ اعتقالهم، تطلق وسائل الإعلام العراقية التابعة لإيران شائعات عن الإفراج عن معتقلي ميليشيا الكتائب، لمواجهة المد الشعبي المؤيد لعملية القوات المسلحة ضد الخارجين عن القانون. والجمعة، أرسل الكاظمي تعزيزات عسكرية إلى مقر تابع للحشد الشعبي شرق بغداد، يقبع فيه المعتقلون التابعون لميليشيا الكتائب. ويريد حلفاء إيران الترويج للإفراج عن المعتقلين لإفراغ عملية الاعتقال من مضمونها وإظهار حجم التأثير السياسي الذي تتمتع به الميليشيات التابعة لإيران في مواجهة الحكومة. وتدخّل المرشد الإيراني علي خامنئي، عبر عدد من وكلائه الدينيين في قم والنجف وكربلاء، لحماية الحشد الشعبي العراقي من الكاظمي. حلفاء إيران يروجون للإفراج عن المعتقلين لإفراغ تحرك الكاظمي من مضمونه وإظهار حجم التأثير السياسي للميليشيات وقال وكلاء خامنئي في رسالة نشرتها وسائل الإعلام العراقية التابعة لإيران، إن “استهداف مقرات الحشد الشعبي الرسمية واقتحامها بهذا الشكل، أمر مرفوض ويجب أن لا يتكرر، لاسيما وأن ما جرى لم ينسق مع أمن الحشد، وإلا فستكون هناك عواقب وخيمة لهكذا تصرفات”. وتساءل وكلاء خامنئي، “لماذا لم نجد قيادة العمليات وباقي الأجهزة الأمنية تتعامل بهذا الحزم مع ملفات مهمة أخرى كاستهداف مقرات الحشد الشعبي بالقرب من الحدود السورية واغتيال القادة الشهداء في مطار بغداد وجرائم منظمة أخرى؟”. وتضيف الرسالة “في هذه الأيام يرى الجميع تقدم القوات التركية وتوغلها واحتلالها لمناطق شاسعة في شمال العراق واستهدافها لمناطق سياحية وسكنية، ولكن لم نجد تحركا عسكريا ولا خطوات دبلوماسية ولا بيانات سياسية بالمستوى المطلوب”، منتقدة “سكوت الحكومة وتجاهل الخارجية أمام الاتهامات المستمرة للولايات المتحدة لقيادات الحشد الشعبي وفصائل المقاومة ووضعهم في قائمة الإرهاب”. ويرى وكلاء خامنئي أن “الخطورة الآن تكمن في إدخال قوة عسكرية في مواجهة الحشد الشعبي بحجة أخرى”، مشيرين إلى أن “الرائحة الأميركية واضحة في هذا التصرف الخطير”. ودعا وكلاء خامنئي رئيس الوزراء العراقي، إلى “التدخل لمنع تكرار هذه التجاوزات على الحشد لأنه هو المسؤول”، فيما طالبوا “القوى السياسية الوطنية بالضغط لعدم تكرار مثل هذا التصرف اللامسؤول”. ويستغرب مراقبون جرأة الموقف الإيراني في التعاطي مع الشأن العراقي لدرجة إملاء الأوامر على الكاظمي بعد اتهامه بالعمالة لأميركا، والتدخل في شؤون أمنية تخص دولة مستقلة ذات سيادة. ولم تكتف إيران بهذا القدر من التدخل في الشأن العراقي، بل دفعت زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، إلى مهاجمة الكاظمي علنا. ويملك الخزعلي، الذي يُعتقد أنه مختبئ في إيران هربا من ملاحقة الولايات المتحدة، كتلة نيابية من 15 نائبا، أسهم بعضهم في التصويت لحكومة الكاظمي. وقال الخزعلي، إن “مداهمة مقر الحشد الشعبي حدث خطير”، معتبرا “قيام رئيس الوزراء باعتقال عناصر من الحشد من قبل قوات مكافحة الإرهاب يعد فوضى عارمة”. ووفقا للخزعلي “كان يفترض معالجة هذا الموضوع من قبل رئيس هيئة الحشد فالح الفياض”. ويحاول حلفاء إيران استخدام ورقة الوجود العسكري الأميركي في العراق، للضغط على الكاظمي، من خلال ربطها بجميع الملفات التي تعنيهم. ويرى الخزعلي أن “بقاء القوات الأميركية في العراق يعد احتلالا خاصة بعد تصويت البرلمان على إخراجها من البلاد”، مشيرا إلى أن “مقاومة الاحتلال حق مشروع كفلته كافة القوانين”. وتساءل الخزعلي عمّا إذا كان الكاظمي يعلم أن “الطائرات الأميركية تحلق وقت ما تشاء وتقصف من تشاء”، مشيرا إلى أن “بيان العمليات المشتركة الخاص باعتقال عناصر الحشد كتب من قبل الأميركان”. ويعتقد مراقبون أن الكاظمي جر الحشد الشعبي إلى لعبة خطرة، مكنته من معرفة حجم القوة البشرية والنارية التي تمتلكها الميليشيات الخاضعة لإيران في بغداد. ونشرت فصائل الحشد الشعبي فجر الجمعة، عشرات العجلات المدججة بالسلاح قرب المنطقة الخضراء، ردا على اعتقال عناصر ميليشيا كتائب حزب الله الخميس. ويرى مراقبون أنه بالرغم من طابع التحدي الذي صبغ هذه الحركة، واستعراض القوة الذي مثلته، إلا أنها في النهاية ليست سوى ردة فعل مستعجلة، كشفت جميع المقرات السرية للميليشيات الإيرانية في بغداد، ومنحت الحكومة فرصة لتقدير قوتها البشرية والنارية واللوجستية. وبدا واضحا أن عناصر الميليشيات تحركوا نحو المنطقة الخضراء، الجمعة، من مواقع قريبة، مستخدمين آليات حكومية مدنية، محملة بأسلحة خفيفة ومتوسطة. ويعتقد مراقبون أن استعراض القوة الذي نفذته فصائل الحشد فجر الجمعة في بغداد، مثل مادة دسمة لأجهزة الاستخبارات الحكومية، ستضع صناع القرار العراقيين في وضع أفضل، عندما يناقشون خطط التصدي للميليشيات التابعة لإيران.

مشاركة :