اعطني وطناً | م. طلال القشقري

  • 11/9/2013
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

كادت عيناي تفيضان من الدمع حزناً على شابٍ ذي خُلُق، يحمل الجنسية اليمنية، لكنه مولود في المملكة، ولم يغادرها طيلة حياته، ولو لثانية واحدة، حتى لليمن، بلاده الأصلية!. واضطرّ الشاب بسبب معاملته ضمن إجراءات التصحيح، تقريباً كما يُعامل الوافدون للعمل والمغادرون بعد حين، أن ينقل كفالته لجهة أخرى براتبٍ أقلّ بنسبة 25% من راتبه الحالي، رغم حاجته الشديدة للمال، وتوليه مسئولية الصرف على والديه وزوجته وكُومٍ من البنات، فقط ليتفادى عقوبة مخالفة نظام الإقامة!. هو بالطبع لم يُمنح الجنسية لأنّ منحها لا يكون فقط بالولادة، ومنحها حق سيادي لأي دولة، لا يمكن إنكاره، تمارسه الدولة بالشكل الذي يُراعي مصالحها، كما أنّ أصل الدم للتجنّس ربّما يكون أهم من ولادة المكان، لكنّ من في مثل وضع هذا الشاب قد تشبّع دمُه بمثل ما تشبّع دمُ أيّ مواطن، وفي كلّ مكوّنات الدم، فهو لم يتنفّس في حياته كلّها، منذ سقوط رأسه حين ولادته إلاّ هواء المملكة، ولم يَحبُ في طفولته ولم يمش إلاّ على ثراها، ولم يرو عطشه إلاّ من مائها، ولم يُطفئ لهيب جوعه إلاّ من أكْلِها، ولم يتحدّث إلاّ لهجتها، ولم يلبس إلاّ ثيابها، ولم يتعلّم إلاّ مناهجها، ولم يتخلّق إلاّ بعاداتها، ولم يتسلّح إلاّ بثقافتها، ولم يشجّع إلاّ رياضتها، ولا يُخطّط حالياً لبقية حياته إلاّ بالبقاء فيها، والموت فيها، وأن يُدفن في قبورها!. فليت نظام منح الجنسية يُراجَع للمواليد في أرضنا، المقيمين فيها أبداً، فمن الصعب ألاّ يُمنح المرء جنسية الوطن الوحيد الذي يعرفه، ولا يعرف وطناً سواه، ولم تكن المواطنة يوماً وثائق وأوراقاً بل هي عشق وانتماء، وهناك الكثير من هؤلاء المواليد يعشقون وينتمون لوطننا، ولا يستطيعون الحياة في غيره، ونحن (عملياً) قد أعطيناهم وطناً كريماً يؤويهم، أفلا نعطيهم (نظرياً) بضع وثائق وأوراق تثبت هذا العطاء الكبير؟!. نحن نقدر، وهم يستحقون!. @T_algashgari algashgari@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (47) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain المزيد من الصور :

مشاركة :