زهد حياة الرغد، توافق مع نفسه وقناعاته، وهب حياته وعلمه للفقراء والغلابة، مفضلًا أن يكون واحدا منهم، وليس ذلك الطبيب الذي يركب أحدث السيارات، ويعيش حياة الرهف، غير عابئ بآلام مرضاه، إنه الراحل عن دنيانا، الخالد في قلوبنا، الدكتور محمد مشالي، أو كما لقبه الجميع، طبيب الغلابة.رحلة عطائه استمرت سنوات طويلة، وهبها لخدمة الفقراء، مرجحا استنزاف طاقته ومجهوده، عن نهش جيوب الغلابة من مرضاه، غير القادرين علي إتيان قوتهم، جابرأ بخاطرهم فعلًا لا قولًا، لما لا وهو صاحب تلك العيادة، القابعة في شارع سعيد، بمدينة طنطا، بمحافظة الغربية، ذات الفيزيتة أم "5 جنيهات" فقط لا غير، والتي ارتفعت لعشرة جنيهات، منذ فترة ليست ببعيدة. من اقترب منه، يعلم أن قمة سعادته في أن يستعمله الله عز وجل في طاعته، بأن سخره لخدمة عباده الفقراء، فانيًا عمره في علاجهم ومتابعتهم، موصيًا أبنائه بالفقراء خيرا، وليس غريبًا ان تلك كانت وصية والده له فور تخرجه من كلية الطب. المشالي، كان مثالًا واضحا للعازف عن الشهرة، التي ظلت تطارده، بعد أن تهافتت عليه وسائل الإعلام، ومنظمات المجتمع المدني، وكان مادة جلية لرواد التواصل الاجتماعي، وحرص الكثير على تكريمه ودعمه، إلا أنه أعطى رسالة للجميع، أن أي جائزة يرغب البعض في منحه إياها، يجب توجيهها لمرضاه وللفقراء والأطفال بلا مأوى ودور رعاية الأيتام.لذلك لم يكن مستغربًا، أن يحزن عليه الجميع، داخل وخارج البلاد، وتنعاه أجهزة الدولة، ويشتعل السوشيال ميديا حزنًا على فراقه، فمصر لم تكن تشيِّع طبيبًا يموت، بل نبيلا جنح بمعطفه الأبيض إلى السماء، رحمك الله يا ابن بلدي، وأكثر الله من أمثالك، أبن طنطا البار، وعظم الله قدرك، وأكرم سعيك، وأحسن مثواك.
مشاركة :