كان معالي رئيس هيئة الرقابة والتحقيق السابق الشيخ محمد بن عبد العزيز بن زرعه ـ حفظه الله ـ حريصاً على متابعة القضايا المنظورة لدى الهيئة وإنجازها أولاً بأول سواءاً ما كان لدى رئاسة الهيئة أو لدى فروع الهيئة بمناطق المملكة. وذات مرة قام معاليه بتكليف أحد المختصين بالهيئة بزيارة فرع منطقة عسير ووصَلَنا فجأة ً دون سابق ترتيب وقام بمراجعة ما لدى جميع موظفي الفرع من مستشارين ومحققين ومراقبين وموظفين إداريين ومكث مدة تقارب ثلاثة أو أربعة أيام وفي نهاية مهمته اكتشف لدى أحد الزملاء مجموعة من الأوراق عبارة عن شكاوى لم يراجع أصحابها ولم تتضح عناوينهم أو صور تقارير لجان اشترك الزميل فيها أو تعاميم عادية مثل بداية إجازة العيدين ونهايتها أو نحو ذلك فأعد محضراً بذلك وقفل راجعاً إلى الرياض. وحرصاً من سعادة مدير الفرع الشيخ محمد بن عبد العزيز الثميري ـ رحمه الله ـ على معالجة الموضوع والاطلاع على تلك المعاملات والأوراق وإبداء الرأي حيالها طلب مني أنا والزميل سعيد يوسف قليل المشرف على الرقابة الإدارية بالفرع ـ رحمه الله ـ أن نتفرغ معه ذات ليلة ونطّلع عليها بحضور الزميل صاحب الشأن. وقمنا فعلاً نحن الثلاثة مدير الفرع والزميل سعيد يوسف وأنا بدراسة تلك الأوراق وإعداد تقرير مستقل وموجز عن كل معاملة أو مستند على حِده واقترحنا حفظها جميعاً إذ لم نجد فيها قضية واحدة تستحق البحث والاستمرار فيها. وتم رفعها بخطاب مفصل لمعالي رئيس الهيئة متضمناً طلب موافقة معاليه على الحفظ. وبعد أسبوع أو عشرة أيام تقريباً ورد لمدير الفرع اتصال من مدير مكتب معاليه يطلب حضوري أنا شخصياً للاشتراك مع لجنة مشكلة لبحث الموضوع وحين وصلت رئاسة الهيئة اتجهت لمدير مكتب معاليه فأشعرني أن معالي الرئيس قد وجه بدراسة الموضوع وإعداد تقرير آخر بمشاركة مدير مكتب معاليه والزميل الذي قام بزيارتنا واكتشف الموضوع فقلت له بالحرف الواحد أنا لن اكتب حرفاً واحداً مع تقديري لتوجيهات معاليه لأنه سبق أن اشتركت في إعداد تقارير مفصلة موجودة بملف القضية والموضوع بين يديكم وانتهى دورنا في الفرع فقال سنعرض الموضوع لمعالي الرئيس وقال لي عد إلينا بعد صلاة الظهر لأن معالي رئيس الهيئة حين ذاك كان مكلفاً بعمل وزير الخدمة المدنية وسوف يحضر للهيئة بعد صلاة الظهر مباشرة فانصرفت وبعد صلاة الظهر حضرت على الموعد واجتمعنا نحن الثلاثة واتجهنا لمعاليه وقام مدير مكتبه بوضع الملفات أمامه وكانت تقارب (26) ملفاً بعضها لا يحتوي إلا على ورقة واحدة والتقرير المعد بشأنها من قبلنا في فرع عسير. وتحدث مدير المكتب قائلاً هذه المعاملات المتأخرة لدى الموظف فلان الفلاني بفرع عسير والأخ عبد الله ـ يقصدني ـ له وجهة نظر ولم نكتب شيئاً حولها حتى الآن. فاستأذنت معاليه في الحديث حول الموضوع فأذن لي فقلت له نحن سعداء في فرع عسير بزيارة أي مسئول من الزملاء في الهيئة بل ونتمنى قيام معاليكم بزيارتنا والاطلاع على سير العمل وتصحيح الأخطاء إن وجدت فنحن بشر ولسنا معصومين من الخطأ والزميل عندما زارنا فرحنا بزيارته ولم نتضايق منها والحمد لله لم يجد قضية واحدة متأخرة. اما هذه الملفات التي أمام معاليكم فهي عبارة عن أوراق على هيئة شكاوى لم يتابعها أصحابها أو تقارير لجان شارك فيها الزميل والقضايا الأساسية لدى جهاتها او تعاميم ونحو ذلك وقد مرَّ الزميل بظروف صحية وأسرية أثرت على إنتاجه وربما سها عليه اتخاذ إجراء عليها في وقتها وها هي أمام معاليكم إن وجدت فيها قضية واحدة بمعنى قضية تعطلت لدى الزميل فأنا المسئول عنها وليس هو. حينئذٍ اتضحت الرؤية لمعاليه وأمر بحفظ الموضوع والوقوف به عند هذا الحد. أدركت حينئذٍ أن توضيح الصورة للمسؤول أياً كان موقعه هو الأسلوب الأمثل والأقوم دون إلقاء المسؤولية على الآخرين.
مشاركة :