دعاء الجهيني تكتب: نظرية الوكالة وتضارب المصالح

  • 11/10/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

قدمت نظرية الوكالة ذات المنشأ الاقتصادي إسهامها العلمي في تفسير مفهوم تضارب المصالح بشكل دقيق، الأمر الذي نتج عنه تفسير هذه الظاهرة على نحو أكثر وضوحًا، خاصة وأن هذا المفهوم هو مفهوم يصعب لم أطرافه مما يصعب أيضاَ عملية تحديد تعريف جامع مانع شامل. وعلى الرغم من أن نظرية الوكالة هي نظرية قديمة بطبيعتها، ويتم تجاهلها من قبل الباحثين رغم أهميتها، إلا أنها الأجدر في تناول ظواهر متعددة في مجال مكافحة الفساد بصفة عامة. وأذكر في أحد المقابلات مع الخبير الدولي prof.Mike Masoud المدير التنفيذي للمعهد الأمريكي لمكافحة AACI الفساد في الشرق الأوسط ، خلال زيارته للقاهرة، تأكيده على أهمية نظرية الوكالة في كونها البوابة الأساسية لتفسير " الجرائم" المتعددة مثل الفساد وظاهرة المحاباة والرشوة وغسيل الأموال وتضارب المصالح وغيرها. وجدير بالذكر، أن نظرية الوكالة قد عرفت مفهوم تضارب المصالح بأنها "مشكلة وكالة" بين طرفين أحدهما موكِل والآخر موكَل "وفق ما أكدته بعض الدراسات الأجنبية، و بالتالي فإن انتهاج الوكالة في دراسات تضارب المصالح يعد مطلبا هاما يسهم في الوقوف عند دلالات و تفسيرات هذا المفهوم بشكل أكثر تحديدا . وتقوم أهمية دراسة موضوع تضارب المصالح من منظور الوكالة على اعتباره لغة لتفسير ووصف علاقات الوكالة المتعددة. فرؤية الوكالة هي بمثابة الحيز الواسع الذي يُناقش من خلاله مختلف الظواهر ، بيد أن هذا المنظور يقود إلى تأمل كافة ظواهر التضارب في سياقاتها الاجتماعية المختلفة . وفي الدراسات الأجنبية نجد عدد كبير من الباحثين الذين انتهجوا نهج الوكالة في صميم دراساتهم نظرا لأهميته البالغة في إتمام هدف الدراسة نحو تفسير مضمون الظاهرة التي تتسم بقدر كبير من الغموض، فهذه الجرائم هي جرائم سلوكية خفية لا يمكن التنبؤ بها مبكرًا، ولهذا السبب أمعن خبراء مكافحة الفساد النظر بشكل عميق لمعرفة طبيعة هذه الظواهر وكيف تنشأ ولماذا تنشأ وبين من ومن. كما ترجع أهمية رؤية الوكالة أيضا إلى قدرتها على المعالجة والإصلاح ، كما تتلازم هذه المقدرة الاصلاحية مع المقدرة التفسيرية لتلك الظواهر التي يصنعها البشر ضد بعضهم البعض. ومن ثم فإن كلا الميزتين تسهمان في اضفاء قدر من الأهمية على هذا المنظور والذي جعله يستحق الثناء عليه من قبل الأوساط الأكاديمية الأجنبية على وجه التحديد. كما أن الدور الذي تلعبه نظرية الوكالة تتمثل في قدرتها على حصر ظاهرة تضارب المصالح و الإحاطة الكاملة بها بشكل أكثر رسمية مما يساعد في فهم وتعريف مفهوم التضارب ، حيث تحمل هذه النظرية في مضمونها أهمية علمية بالغة  تسهم في تفسير الاشكاليات المرتبطة بهذه الظاهرة والتي تنحصر بين مشكلتين هامتين تتمثل في مشكلة فجوة المعلومات Information Gap والخطر الاخلاقيMoral Hazard والتي تنشأ على سلوك الطرف الوكيل ، وعلى هذا الأساس ، يتجلى أهمية انتهاج الدراسات العلمية المهتمة بدراسة قضايا الفساد وتضارب المصالح لمنظور الوكالة الذي يفرغ من مضمونه ميزات متعددة على المنحيين العلمي والعملي لفهم السلوك البشري وتفسير الجانب المظلم من الطبيعة البشرية .

مشاركة :