«الاختيار» المؤدّي إلى فساد | إبراهيم معتوق عساس

  • 9/6/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

ممّا لا شكّ فيه أن اختيار المسؤولين لمَن تحتهم من الموظفين -سواء كان المختارون من قيادات عُليا، أو متوسطة، أو غيرها- مسؤولية عظيمة، وأن حُسن الاختيار أساس لنجاح العمل -بعد توفيق الله-؛ ولذلك يجب أن لا يُبنى الاختيار على المجاملات، أو التسرع، أو تبادل المصالح، أو غيرها من الأمور التي تؤدّي إلى سوء الاختيار، فإذا طُبِّقت الشروط الصالحة في الاختيار، وحصل حُسن الظن في المسؤول، وقُلِّد منصبًا من المناصب، لاسيما رفيعة المستوى، أو تلك التي لها علاقة مباشرة بمصالح الناس، ثُم ظهر من خلال التجربة أن المسؤول المختار ليس في مستوى المسؤولية، إمّا لضعف في شخصيته، أو لسوء إدارته، أو لعدم أمانته، أو لأيّ سبب من الأسباب التي تجعل أداء الجهة منخفضًا، أو مرتبكًا، أو ضائعَ الملامح، فإن الواجب في هذه الحالة المتابعة والمحاسبة والمعاقبة والتغيير؛ حتى لا تزداد الأمور سوءًا، أمّا الاعتذار بأنه قد تم الاختيار، وأن التغيير صعب، أو الاكتفاء بالتعيين، أو التكليف، ثم ترك المُعيَّن يفعل ما يشاء بلا رقيب، وبلا حسيب ظنًّا ممّن عيّنه أنه قد تخلّص من الأمانة التي ألقاها على عاتق المُعيَّن، فإن مثل هذا الاعتذار غير مقبول، لأنه بمثل هذه المقولة يكون مشاركًا في مخالفات وأفعال مَن اختاره برغبته، وكما أنّه يُشاد بالاختيار الحسن، فإن عدم التوفيق في الاختيار، ثُم عدم التحرّك لتغيير الواقع غير الجيد، يرتدُّ في نهاية الأمر على مَن اختار ذلك الموظف، وأستشهد بعبارة تاريخية للخليفة الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما قال: (واللهِ لو أنَّ دابةً عثرتْ في سوادِ العراقِ لكُنتُ مسؤولاً عنهَا أني لم أُمهِّد لها الطريق)، فهذه العبارة تُجسِّد المسؤولية العامّة، أنه -رضي الله عنه- عيّن ولاة في الأمصار، وهؤلاء الولاة عيّنوا مَن يعمل معهم، وتحت إدارتهم، فكانوا مسؤولين عنهم، وعن أدائهم، وكل مسؤول هو مسؤول عن وزارته، وعن مَن يعمل فيها، وفي فروعها وأقسامها، فبماذا نُفسّر العبارة العُمرية الخالدة؟ وكيف يفسرها كلُّ مَن تم تعيينه؟ وكيف ينبغي التعامل مع مَن يتولَّى أيَّ وظيفة ثم لا يكون كفؤًا لها، أو أمينًا عليها؟. إن هناك العديد من الوزارات المتّصلة مباشرة بحياة المواطن، فهل تأكّد لكُلِّ مسؤول في تلك الوزارات أن مَن يعملون معه في الوزارة، أو في قطاعاتها المختلفة هم على قدر المسؤولية والأمانة؟ إنه يرى أن المسؤولية لا يحملها؛ لأن هناك مسؤولاً تحمَّل الأمانة بدلاً عنه؟! وهنا تكون قراءته للعبارة العُمرية غير موفّقة، فما دام أنه مسؤول عن القطاع بالكامل، فإنه مسؤول عنه أمام الله والناس!! assas.ibrahim@yahoo.com

مشاركة :