ماذا أطعمنا السيارة؟ - أميمة الخميس

  • 10/10/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

كل محدث طارئ حولنا لابد أن يقابل بعين الشك والاسترابة، يهرع فيه المجتمع إلى مخزونه المعرفي لتفسيره وتحليله، واستنباط ما يشبهه أو يوازيه في دهاليز ذاكرته، قبل أن يحدد هل سيرفضه أو يقبله. وعندما قدمت السيارة إلى جزيرة العرب، وضعوا أمامها حزماً من البرسيم الأخضر النضر لتأكل، فدابة التنقل تستحق جيد العلف. بينما لم يكونوا ودودين تماماً مع الدراجة، فكان جزاؤها أن لقبوها (بحمار إبليس). ظاهرة التحرز والخوف من الجديد ليست طارئة على آليات التفكير في ثقافتنا، فطالما لدينا مثال ونموذج ماضوي مكتمل ستظل علاقتنا مع الجديد متوترة ومشحونة. يقول المفكر محمد شحرور عن العقل العربي (هو عقل قياسي، يحتاج لنسخة أصلية ليقيس عليها، وهو بالتالي غير قادر على الإبداع أو الابتكار، أنتجت الإنسانية في القرن العشرين ملايين المعلومات، وربما مليارات، بينما العقل العربي عاجز عن إنتاج المعرفة لأنه عقل قياسي والعقل القياسي لاينتج معارف، فقط يظل مكبلاً في حيز يستهلك المخترعات العلمية والمنجزات الحضارية ولا ينتجها). لذا يغدو جل نشاطنا العقلي محصوراً في لعبة المترادفات، حتى ولو كانت تلك اللعبة غير عادلة وتلغي البعد الزماني ولا تأبه بتبدل الأحوال والتطور والتراكم الحضاري الذي حققته البشرية عبر القرون. وإن كانت داعش خطفت النساء وباعتهن في سوق النخاسة عياناً بياناً بشكل صادم وقافز على تبدل الأزمان والأحوال، فإن البعض وبشكل (ضمني موارب) ما برح يكرس العاملة المنزلية لدور السبية المستباحة أو الجارية. لذا رداء الجارية السبية قد يفسر حالات التحرش التي تتعرض لها العاملات المنزليات والتي تتداولها المجالس حتى وصلت مقاطع منها إلى وسائل التواصل الاجتماعي. وإن كان برنامج (مساند) الذي أعلنته وزارة العمل يهدف إلى تنظيم أوضاع العمالة المنزلية ليغطي ثغرات كبيرة في العلاقة بين الخادم والمخدوم، لكن يبقى الجانب القانوني (والذي يتضمن لائحة جزائية وعقوبات) غائباً هنا. وهنا بالتحديد تظهر المفارقة الباعثة على البؤس فالسيدة لدينا مازالت بدون قانون يحميها في الفضاء العام.. فكيف نشطح بطلب قانون للخادمة؟ ولعل قانون الحماية من التحرش هو بدوره يندرج تحت ماهو محدث طارئ حولنا والذي لابد أن يقابل بعين الشك والاسترابة.. من قبل بعض العاجزين عن الاستجابة لوقع العالم حولهم. تعقدت المعاملات وتوسعت الأعمال، وتبدلت طبيعة العلاقات داخل المجتمعات البشرية، ومالم نتدارك الأمر بمعالجة عصرية، بمقاربة تستجيب لطبيعة العصر، بتفعيل فقه النوازل. فسنظل دوماً نكابد علاقتنا المنقطعة مع الركب الحضاري. لمراسلة الكاتب: oalkhamis@alriyadh.net

مشاركة :