محمد كركوتي يكتب: اقتصاد الفضاء الإماراتي

  • 4/17/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الأسس التشريعية التي تسعى وكالة الإمارات للفضاء لوضعها في المرحلة المقبلة، تدخل ضمن استراتيجية البلاد، ليس فقط في تطوير هذا القطاع الابتكاري الحيوي المتنامي، بل وجعله أيضاً جزءاً أصيلاً من الاقتصاد الكلي. والتنظيم المستهدف سيساهم بالتأكيد في جذب الاستثمار الأجنبي في القيام بأنشطة فضائية في الدولة، إلى جانب تشجيع المستثمرين للدخول في شراكات مختلفة مع كيانات إماراتية ذات صلة. وهذا الجانب مهم للغاية، ويأتي ضمن المخططات الوطنية لتنويع روافد الاقتصاد المحلي، بما يضمن الاستدامة المنشودة. فالإمارات دخلت هذا الميدان بقوة، وحققت في فترة زمنية قصيرة قفزات نوعية، ولاسيما إطلاقها «مسبار الأمل» لاستكشاف المريخ قبل عام ونصف العام، والذي يقوم الآن بدوره في تعزيز الحراك الفضائي الدولي، الذي يهدف أساساً لخدمة البشرية. ووفق الأرقام المتداولة، تدفق على الشركات الفضائية الخاصة أكثر من 15 مليار دولار في العام الماضي. وتؤكد مؤسسة الفضاء الأميركية، في تقرير حديث لها، أن التدفقات المالية إلى الاستثمارات الفضائية بلغت 178 مليار دولار خلال عقد واحد، وكلها من مستثمرين قادرين على المضي في هذا المجال إلى ما لا نهاية. وفي العام 2019 (سنة ما قبل جائحة كورونا) نما هذا القطاع بنسبة 4.4%، مرتفعاً 55% عما كان عليه قبل عشر سنوات. وتوفر الحكومات في الدول المتقدمة التسهيلات اللازمة للمستثمرين، عبر شراكات استراتيجية طويلة الأمد. ومن هنا يمكن فهم حرص أصحاب رؤوس الأموال في أن تكون لهم حصص في المجال الفضائي، بما في ذلك ما أصبح يعرف بالسياحة الفضائية، التي بدأت منذ سنوات في مسيرة نمو لافتة. ويؤكد وزير العلوم والابتكار الإسباني بيدور دوكي الذي شارك في فعاليات القمة العالمية الأخيرة للطيران في أبوظبي، على أن نسبة العائد على المجتمع من الاستثمار في الفضاء تقدر بنحو 600%، كما أن هذا النوع من الاستثمارات استراتيجي وملهم للأجيال الحالية والمقبلة، وبالتالي فهو يوفر قيمة مضافة ليس فقط للمجتمعات بل للاقتصادات، عبر توفير فرص العمل، ونقل الخبرات والتقنيات إلى صناعات وإلى أنشطة ابتكارية أخرى. ومثل هذا القطاع المتنامي يتطلب بالتأكيد تعاوناً دولياً وشراكات متنوعة داعمة. ولا شك في أن التوجهات الإماراتية في هذا الميدان تحاكي المستقبل، وتدعم الأسس التي يقوم عليها البرنامج الوطني للفضاء، وتؤسس أيضاً لانطلاقات أخرى جديدة وفق متطلبات المراحل المختلفة. وكما هو معروف تتصدر الإمارات المنطقة في قطاع الفضاء، من حيث حجم المشاريع والاستثمارات التي بلغت 22 مليار درهم. ولأنها كذلك صارت بسرعة جهة رائدة إقليمياً. ومن هنا، فإن التشريعات التي تسعى وكالة الإمارات للفضاء وضعها ضمن إطار تنظيمي، تحقق الأهداف على المدى البعيد، بما في ذلك الوصول بهذا القطاع إلى المستوى المأمول بحلول مئوية الإمارات في العام 2071. سيستفيد القطاع من هذه التشريعات المدعومة أساساً من السمعة العالمية للبلاد في كل الميادين. فالقاعدة قوية وثابتة ومرنة، وهي ساحة مثالية لما يمكن وصفه باقتصاد الفضاء.

مشاركة :