محمد كركوتي يكتب: تجارة الإمارات ما بعد التريليون

  • 8/29/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

مع بلوغ التجارة الخارجية غير النفطية للإمارات في النصف الأول من العام الجاري ما بعد حدود التريليون درهم، لتسجل 1.58 تريليون، يمضي الاقتصاد الوطني في مساره الراسخ والسريع. وهذا الارتفاع يكرس أيضاً حقيقة التراجع المتواصل لمساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي، ما يشكل قفزات نوعية على صعيد الاقتصاد المستدام، الذي يوائم الإمكانيات والمشاريع والمخططات التي تضعها الدولة، وتلك التي تم تنفيذها بالفعل بأعلى معايير الجودة والاستدامة. فالناتج المحلي الإجمالي غير النفطي حقق العام الماضي نمواً بلغ 5.31%، مقابل انخفاض لافت لمساهمة القطاع النفطي بنسبة 27.7%. وتجاوز المسار الاقتصادي في الإمارات كل التوقعات الآتية من الجهات العالمية المختصة، بعد أن حقق في العام الماضي نمواً بلغ 3.8%، بينما كانت تلك التوقعات تدور حول 2.1% كحد أقصى. القفزة غير المسبوقة للتجارة الخارجية، لم تحدث في ظل بيئة اقتصادية عالمية مستقرة، بل تمت وسط موجات من الاضطرابات الاقتصادية، ومتغيرات لا تزال متفاعلة. فالاقتصاد العالمي يمر بالفعل في مرحلة تشكيل جديد يتطلب وقتاً لتضح معالمه، ولا سيما في أعقاب جائحة «كورونا» التي عطلته، والاضطرابات السياسية وحتى العسكرية في أكثر من بقعة حول العالم. إلا أن هذا المشهد المضطرب، لم يحد من تصاعد وتيرة اقتصاد الإمارات في كل الميادين، وخصوصاً تلك التي تدخل ضمن إطار تمكين الاستدامة، وتقوية المناعة ضد أي مؤثرات خارجية تحدث وقد تحدث مستقبلاً. مع مطلع العقد الحالي، وجدنا كيف أن اقتصادات ناشئة ومتقدمة عانت (ولا تزال) من «المنغصات» الدولية، واتخذت إجراءات غير مسبوقة لوقف تردي الأوضاع بشكل عام. الاقتصاد غير النفطي في الدولة، الذي يعزز تلقائياً التجارة الخارجية غير النفطية بالطبع، واصل تصاعده في يونيو الماضي للشهر الـ 19 على التوالي، وتمكن بمرونة شديدة من المرور في مرحلة «كورونا»، لينطلق بقوة في أعقاب رفع القيود التي فُرضت بسبب «الجائحة». ولأن الأمر كذلك ارتفعت في الربع الثاني من العام الحالي، مستويات التوظيف في القطاع الخاص، في مؤشر واضح لجودة الأداء. ولا شك في أن التجارة الخارجية بشكل عام، وغير النفطية على وجه الخصوص، تتلقى دعماً كبيراً من مخططات الدولة الهادفة دائماً لتوسيع شبكة شركائها التجاريين حول العالم. مستندة إلى قوانين وإجراءات تدفع نحو تحقيق الأهداف المرجوة. ناهيك عن أن الإمارات كرست منذ سنوات مكانتها كبوابة محورية لتدفق التجارة حول العالم، وطورت قدراتها في هذا المجال، لتتصدر بوابات تجارية أخرى وُجدت قبلها بعقود زمنية عديدة. ولذلك، فإن المرحلة المقبلة ستشهد مزيداً من النمو في مجال التجارة الخارجية غير النفطية، بينما ترتفع بصورة متوازية صادرات الدولة غير النفطية، لتصل في النصف الأول من العام الجاري إلى نحو 180 مليار درهم، لأول مرة في تاريخها، وبنمو بلغ 8% مقارنة في الفترة نفسها من العام الماضي.

مشاركة :