ستكون المؤشرات الجديدة حول الاقتصاد الأمريكي بمثابة «هدية» لإدارة الرئيس جون بايدن، ولا سيما تلك الخاصة بعدم دخول هذا الاقتصاد في دائرة الركود العام المقبل. و«كافح» البيت الأبيض مع نهاية العام الماضي وبداية السنة الحالية، لأن يُبقي اقتصاد البلاد ضمن نطاق التباطؤ، وعدم الانزلاق نحو الركود، بالرغم من سياسات التشديد النقدي الذي يتبعها المجلس الاحتياطي الفيدرالي «البنك المركزي»، للسيطرة على التضخم، التي تعد أهم كثيراً من البحث عن مسارات للنمو في هذه الفترة العصيبة التي يمر بها الاقتصاد العالمي ككل. فالفائدة في الوقت الراهن بلغت 5.25%، ومن المتوقع أن تواصل الارتفاع وإن بمعدلات أبطأ في الفترة المتبقية من العام الجاري، حتى بعد أن هبطت معدلات التضخم إلى ما دون 5%. الذي عزز بقاء أكبر اقتصاد في العالم خارج ميدان الركود، الاتفاق الأخير بين الإدارة الأمريكية والمشرعين على سقف الدين، حيث نشرت الخلافات بين الطرفين مخاوف بحدوث ما لا يمكن تصوره، وهو تخلف الولايات المتحدة عن السداد. بالإضافة إلى نقطة مهمة أخرى، تتعلق باحتواء أزمة المصارف التي ضربت قطاع المال الأمريكي قبل شهرين تقريباً. ما يعني أن الاستقرار في هذا القطاع ساهم أيضاً في إضافة بعض الأضواء المطلوبة على الحراك الاقتصادي بشكل عام، وضمن الثقة في قطاع شديد الحساسية يتأثر بأبسط الذبذبات. ولكيلا يدخل اقتصاد أمريكا بالركود العام المقبل، عليه أن يحقق نمواً ما بحلول نهاية العام الجاري. وهذا أيضاً متوقع مع تحسن أداء سوق العمل، والسيطرة بصورة أو بأخرى على معدلات البطالة التي اقتربت من مستويات ما قبل جائحة «كورونا». وبصرف النظر عن بعض التحليلات التي أشارت إلى إمكانية حدوث ركود معتدل في وقت لاحق من هذا العام، فإن المسار الاقتصادي الراهن يصب في تفادي الركود العام المقبل، وهذه النقطة تكتسب أهمية كبيرة، خصوصاً وأن البلاد ستشهد انتخابات رئاسية جديدة، سيكون الاقتصاد فيها على رأس برامج الحزبين المتنافسين على قيادة الولايات المتحدة. علماً بأن قدرة إدارة بايدن على إيصال التضخم إلى المستوى الرسمي المعلن وهو 2%، ليست قوية بما يكفي لتحقيق هذا الهدف قبل الانتخابات المشار إليها. بل إن قدرات الحكومات الغربية كلها تظل أقل في الوصول إلى هذا المستوى المأمول من ارتفاع أسعار المستهلكين. غير أن الإنجاز الأهم المساعد على ضمان بقاء الاقتصاد الأمريكي خارج دائرة الركود، يبقى تعليق البيت الأبيض الحد الأقصى للديون حتى مطلع العام 2025، ما يسمح له بالتحرك لتحقيق شيء من النمو في الفترة المقبلة. لكن هذه المؤشرات الإيجابية التي تتمنى الإدارة الأمريكية أن تبقى أطول فترة ممكنة، لم تمنع وكالة التصنيف الائتماني الدولية المعروفة «فيتش» من التحذير بإمكانية خفض تصنيف الولايات المتحدة في مراجعتها اللاحقة. وحتى لو حدث ذلك، فإن المسار العام لأكبر اقتصاد في العالم، يبدو أكثر إشراقاً من مسارات الاقتصادات الأوروبية ومعها اقتصاد المملكة المتحدة.
مشاركة :