واصل الوزراء المعنيون التحدّث للرأي العام عن برنامج التحول الوطني 2020، وحديثهم على رغم اختصاره وعدم استيعاب كل أسئلة الإعلاميين والناس هو في حد ذاته «تحول» اتصالي، إذ تضع الحكومة أعضاءها التنفيذيين أمام الرأي العام يستعرضون ما يخصهم من البرنامج، ليتم قياس النجاح والفشل بعد أقل من خمس سنوات. لفتني وأنا أتابع التفاصيل في الصحف، طلب رئيس مجلس الغرف السعودية من وزراء المال والتجارة والتخطيط صرف مستحقات المقاولين المتأخرة، وذلك في خطابات رسمية تأتي إلحاقاً لخطاب رفعه المجلس لمقام خادم الحرمين الشريفين، وفي تفاصيل القصة لمحات مهمة، إذ يقول رئيس المجلس عبدالرحمن الزامل: «تعاني شركات ومؤسسات المقاولات في مناطق المملكة المختلفة المنفذة للمشاريع الحكومية من تأخر صرف مستحقاتها المالية خلال الفترة الماضية والتي تجاوزت التسعة أشهر، ما أحدث عجزاً لدى الكثير منها، حال دون الوفاء بالتزاماتها التعاقدية المتمثلة في رواتب العاملين ومستحقات الموردين التي تقدر ببلايين الريالات، وهو ما أثر سلباً في سير تنفيذ المشاريع الحكومية». ويحذّر رئيس مجلس الغرف السعودية أنه في حال استمرار تأخر صرف مستخلصات المشاريع «ستكون عرضة للتعثر وإفلاس بعض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مما يضعف القطاع الخاص وقد يصبح تحدياً أمام دوره في تحقيق رؤية المملكة 2030، فضلاً عن فقدان الكثير من الوظائف المتاحة للسعوديين». مهمة رئيس مجلس الغرف أن يدافع عن مصالح قطاع مهم، خصوصاً أنه يشير إلى أن المقاولين استنفدوا قدراتهم التمويلية الذاتية كافة، وأصبح الأمر ملحاً لتعزيز وضعهم المالي من خلال صرف مستحقاتهم المتأخرة كافة. من المهم التأمل في حال القطاع الخاص، وتاريخه، وعلاقته بالحكومة، ليتحقق دوره المخطط له في الرؤية والتحول، فهذا القطاع يعتمد كثيراً على الإنفاق الحكومي، والحكومة تريد اليوم تقليص الإنفاق ورفع كفاءته، وهي تريد التخصيص لكثير من القطاعات المهمة، فهل نحن متأكدون أن القطاع الخاص في بعض قطاعاته قادر على استيعاب ذلك. الحكومة السعودية ظلت شريكاً كبيراً في كبريات الشركات، وكان هذا من عوامل استقرارها ونموها والأمثلة كثيرة، والقطاعان الأهم استراتيجياً وهما النفط والبتروكيماويات ظلا في شكل مباشر أو غير مباشر تحت إدارة الحكومة وضمن ملكيتها. الصورة اليوم تبدو مليئة بالتحديات، والحكومة ستتحول إلى «مستثمر» كبير والقطاع الخاص السعودي مستثمر كبير أيضاً، فمن سيتكئ على من في المرحلة المقبلة؟ الإجابة البديهية أنهما سيتكاملان، وتكاملهما كان «مادة» إعلامية معتادة لعقود من الزمن، ومن الواضح أن العلاقة كانت من طرف واحد، بدليل أننا إلى اليوم نتحدث عن «سعودة» بقوة النظام على سبيل المثال. القطاع الخاص ذكي في ركوب الموجات، بدليل تلويح رئيس مجلس الغرف أعلاه بتأثر دور القطاع الخاص في تحقيق رؤية 2030 إذا تأخرت مستحقاته! وقبل ذلك رأينا إعلانات لشركات تعلن «تحولها» وتماهيها مع الرؤية السعودية حتى قبل إعلان التفاصيل التي بدأنا نتعرف عليها مع إعلان مبادرات برنامج التحول الوطني 2020. القطاع الخاص شريك، ونحتاج هذه المرة أن تنضج الطبخة وأن نُكذّب المثل الدارج على لسان الشعب «قدر الشراكة ما يفوح!».
مشاركة :