صباح الحرف (الفرح والحزن)

  • 9/20/2014
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

محمد اليامي يقول جبران خليل جبران: «فلو كان لقلوبكم التي لا تبرحها الدهشة من عجائب الحياة التي تكتنفكم في كل يوم لدهشتم للألم دهشتكم للفرح، ولتقبلتم فصول قلوبكم بمثل الرضا الذي ما برحتم تتقبلون به فصول الحقول». بعض الأحداث والأخبار تحار كيف تشعر نحوها، لأنها تقرأ من جهتين، أو أنت على الأقل تفعل ذلك، كأنها رحلات شباب المملكة في الثمانينات عندما يتخرجون من الثانوية العامة، ينتقلون من معظم المدن السعودية إلى المناطق الثلاث الرئيسة الرياض، وجدة، والشرقية، حيث توجد الجامعات، وتقف أمهاتهم بجوار آبائهم على أبواب البيوت، يودعون بفرحة مواصلة رحلة التعلم، وبحزن فراق فلذة كبدهم. هل تفرح أم تحزن كمراقب ثانياً، وكمواطن أولاً، وربما كمسؤول ثالثاً عندما تزف الأخبار نبأ تعيين بروفيسور سعودي مديراً لمستشفى أميركي، أو باحثة سعودية عضواً في فريق بحثي عالمي؟ يباغتك الفرح بابنة أو ابن وطنك، ثم تجتاحك الحسرة والألم عندما تفكّر في بيئة صحية أو بحثية طاردة للمواهب غارقة في الروتين ومشكلات سطحية أبعدتها عن كنه التقدم الحقيقي في صناعتي الطب والأبحاث، الكنه الذي لا يتأتى إلا بعقول مبدعة، يتخطفهم العالم من حولنا، ويجدون فرصتهم الأفضل في مكان بعيد. تنتابك الحيرة الغريبة بين ألمك بسبب تصدير المبدعين، واستيراد أنصاف المؤهلين أحياناً، ليتعلم بعضهم هنا (لا نبخس البعض الجيد حقهم)، ويجربوا هنا، وعندما تصقل تجربتهم تثمر خبراتهم في مكان آخر. هذه الأيام بدأت الشوارع تعيش أجواء بدء تنفيذ مشروع النقل العام، انتشرت الحواجز الخرسانية بقوة، وبالمناسبة لا أعرف سبب إصرارنا على استخدامها، فهي ثقيلة وتتلف الأسفلت والأرصفة، ومعظم دول العالم تستخدم الحواجز البلاستيكية المملوءة بالسوائل التي تكون أقل ضرراً عند الحوادث، انتشرت هذه الحواجز فلا تعرف هل تفرح بمشروع جبار نتمنى جميعاً أن ينقلنا تنموياً وحضارياً إلى مرحلة أخرى، أن يحل بعض مشكلات التنقل، والبيئة، والمنظر العام، ويسهم في حركة الناس والخدمات بشكل أكثر فاعلية، أم تحزن لأنه تأخر كثيراً جداً، وأن المخططين كانوا في غفلة عن النمو السكاني وتوسع عاصمة أقوى اقتصاد عربي، وأحد أقوى 20 اقتصاداً عالمياً، ولأن جميع العابرين في الشوارع سيدفعون ولسنوات ثمناً غالياً من وقتهم وأعمالهم بسبب تضييق الشوارع أو إقفالها. كم من أمر من حولك في الشأن العام، أو شأنك الخاص يصيبك بالحيرة كيف تنظر إليه، كيف تنفعل وتتفاعل، أو بأي الإحساسين تبدأ، بفرحك على ما يبهج فيه، أم حزن على ما يؤلمك منه. هكذا هي الأشياء، وربما هي الأيام، ولعل كثيراً من البشر عندما ينضج، يحار أيضاً، بين فرح بأنه أدرك أو عرف أخيراً ماذا يريد، وحزن بأنه فاته، أو لم يعد في الإمكان فعله، أو الحصول عليه.

مشاركة :