هل غنيت «وطني الحبيب» بالأمس؟ أم اكتفيت بالاستماع إليها؟ هل طربت لأغنية «يا بلادي واصلي والله معاكِ»؟ أياً كان ما سمعته فهو في النهاية جزء من نشيدك الداخلي الخاص عن بلدك التي تحب، عن وطننا الذي نحب، نشيدك الذي تكتبه روحك، ويلحنه عقلك، وتغنيه جوارحك ليتراقص عليه قلبك... رقصة الحب... رقصة الوطن. رقص الصغار وفرح الكبار والقلوب جذلى بالإجازة ذات المعنى، والمعاني التي جاز لهم التعبير عنها، التعبير الصادق الذي جاوز «ما هو شعورك» إلى صحفهم وقنواتهم الخاصة وحساباتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، الوسائل التي أعطت حرية التعبير بعداً آخر، وكان التعبير عن حب السعودية مبدعاً خلاقاً وفيه لمسات إنسانية ووجدانية صادقة وساحرة. الفرح اعترى الغالبية، وعلى رغم الأحزان الخاصة لكل فرد، إن وجدت، وهي غالباً تفعل، طغت التعابير المفعمة بالتفاؤل انطلاقاً من رسوخ الدولة عاماً بعد عام، وثقة في ربابنتها الذين نجحوا على مر التاريخ في السير بسفينها بين أمواج عاتية ارتفعت في مناخات سياسية واقتصادية تقلبت علينا مثل تقلب الطقس خلال يوم واحد في الساحرة الفاتنة الرياض. أكذب لو قلت إن القلق لا يعتريني حتى في لحظات الاحتفال، فالعالم كله تقريباً قلق، ومناوشات من يسمون أنفسهم الكبار، وصراعاتهم على النفوذ، وتكتلاتهم، تجعل كل إنسان يفكر، وهذا لا يتعارض مع الثقة في بلادك، إنه شعور إنساني طبيعي. تهجس أحياناً بمقبل الأيام وما تحمل من صعوبات اقتصادية مثلاً، لكنك تتفاءل وتفرح أن ثقافة البلاد كلها ستتغير اقتصادياً، فلن يكون الحمل عليك وحدك كمواطن، بل سيتحتم على الجميع تقاسم «التغيرات» ونتائجها معك، للوصول معاً إلى طموحات جديدة، طريقها صعب، لكنه يسهل على أصحاب العزائم والنيات الصادقة، والأعمال المخلصة. لنبدأ من أنفسنا، ليكون هناك ما يمكنني تسميته التحول الشخصي، كجزء من منظومة محاولتنا تحقيق التحول الكامل للوطن واقتصاده. ليكن احتفاؤنا الحقيقي بأنفسنا بتجنيد كل طاقاتنا ومواردنا في سبيل التقدم والصدارة في العلوم، الفنون، الآداب، الصناعة، والاقتصاد، وكلها ومعها كثير نود أن يكون مستقبلنا أجمل إذا أصبحنا منتجين، بل منتجين جيدين، لا مستهلكين، وأحياناً مستهلكين سيئين. تجنيد كل طاقاتنا لتذليل العقبات والصعاب التي تشكل هواجسنا، وهذا التجنيد يستلزم إشراك الجميع، وعدم التغافل أو الصمت عمن لا يجد أو تجد عملاً أو دراسة، أو فلنسمه لا يجد دوراً حقيقياً ملموساً ومختلفاً عن مراقبته لكل شيء، والحديث عنه في قناته أو حسابه الشخصي. كل عام وأنت يا وطني أجمل، أقوى، وأكثر اتساعاً مما تبدو عليه أرضك الرحبة، بالعقول المنفتحة، والصدور الأنقى، والأنفس التي تتوق لانتزاع الصدارة، وتروم إلى خصوصية حقيقية، وليست واهية كحجة مستهلكة لتكريس بعض الأوهام. كل عام ونحن نتقدم خطوات حقيقية للأمام، خطوات في التنمية، والتحضر الإنساني، والمساهمة الأكثر تأثيراً في البشرية.
مشاركة :