نصف الحقيقة الآخر \بقلم منذر الأسعد \ 3 دقائق تهزم 3 سنوات؟!

  • 10/23/2016
  • 00:00
  • 37
  • 0
  • 0
news-picture

2016/10/20 تقول النكتة السياسية المصرية قبل 50 سنة: كان المشير عبد الحكيم عامر قائد الجيش يقود سيارته ومعه صديقه شمس بدران - مدير المخابرات الحربية المشهور بتعذيبه الوحشي لخصوم النظام الناصري-.. كان الرجلان شبه نائمَيْن بتأثير كمية كبيرة من الخمر والمخدرات تعاطياها.. قال شمس للمشير: حاسبْ –انتبه- يا فندم.. فيه شجرة قدامك.. قال المشير: لعبت الخمرة براسك قوي يا شمس.. مش إنت اللي سايق العربية!! * * * مناسبة النكتة، أن شاباً مصرياً يُدْعى: مصطفى عبد العظيم، يقود عربة شعبية بسيطة، تسمى: توك توك.. أصبح نجماً بين عشية وضحاها.. بل إنه بات مثل أبي الطيب المتنبي في زمنه: مالئ الدنيا وشاغل الناس.. لمجرد حديث مدة 3 دقائق مع الإعلامي عمرو الليثي الذي بث الحوار القصير مع سواق التوك توك ببرنامجه: واحد من الناس في فضائية الحياة.. كان الموضوع سيمر بسلام مثل عشرات الموضوعات التي تبثها الفضائيات كل يوم، مع أنها تحظى بتلميع وأضواء ساطعة.. لكن الدقائق الثلاث أطلقت زلزالاً سياسياً واجتماعياً في ظرف بالغ العسر على النظام السياسي لأسباب داخلية وخارجية.. حظي حديث السائق البسيط بثمانية ملايين مُشَاهَدة خلال 48 ساعة على مواقع التواصل الاجتماعي.. خلاصة ما قاله مصطفى: كل شيء في البلد يتدهور.. نسمع الإعلام فنتخيل أن بلادنا فيينا، نخرج للشارع فإذا هي بنت عم الصومال.. ودعا إلى العناية بالتعليم والصحة والزراعة!! استقطب سائق التوك توك من دون أن يقصد تعاطفاً شعبياً جارفاً، لأنه - على الرغم من تعليمه المتواضع - استطاع تلخيص معاناة المهمشين - الذين يسميهم المصريون في اللهجة الدارجة: الغلابة - وكذلك هموم أبناء الطبقة الوسطى.. لكنه في المقابل جلب على نفسه عداوات القوى المخيفة.. وأكثر الغاضبين عليه، هم الإعلاميون الذين يقبضون رواتب فلكية - بملايين الجنيهات - في مجتمع ينتمي معظم أفراده إلى المطحونين، فهؤلاء شعروا بالخطر على مكاسبهم، لأن السواق البسيط نسف ثلاث سنوات من دعاياتهم المكثفة، لغسل أدمغة الجميع وإقناعهم أن: الجو بديع والدنيا ربيع وقفِّل على كل المواضيع، كما كانت تردد سعاد حسني.. وبدأت النظريات المثيرة للضحك لكنه كما قال أبو الطيب: ضحكٌ كالبكاء.. الاتهام الأكثر سهولةً هو: إخوان! وهذا يكفي لإخفاء قارة كاملة وراء الشمس.. وفي أجواء قمعية كهذه، تَصْدُق النكتة السورية في عهد حافظ، عندما التقى جَمَلٌ وأرنب قرب الحدود مع الأردن.. كان كل منهما يركض وهو يلهث.. قال الجمل للأرنب: ما قصتك؟ قال: ألم تسمع بأن المخابرات تعتقل الجِمال ثم تذبحها لأنها حيوانات مناوئة للنظام؟ قال الجمل بدهشة: بلى سمعت ولهذا أحاول الهروب، لكنك أرنب فما علاقتك بالموضوع؟ قال الأرنب: حتى يتبين لهم أنني أرنب ولست جَمَلاً أكون قد لقيت مصرعي تحت التعذيب!! أبواق أخرى ادعت أن سواق التوك توك يتظاهر بالفقر وضآلة حظه من التعليم، لكنه يملك يختاً – يخت..حتة واحدة يا جماعة!!- أحد المذيعين الذين لا يتقنون سوى الردح والشتم، ويتقاضى ملايين على بذاءاته وأكاذيبه، ادعى أن السائق المسكين يرتدي قميصاً فاخراً، لا يستطيع - وهو المليونير - أن يقتني مثله!! وشخصياً، أتوقع في الأيام المقبلة أن تشتد الحملة على هذا المسكين وتأخذ الشكل الآتي: - الأخونجي ده خرب الدنيا ونشر المناخ التشاؤمي.. - الدولة شغالة عالفكة وصبح على مصر بجنيه والأخ عايز يحسن التعليم والزراعة والصحة... - تصدقون جاهلاً يسوق توك توك يدعي أن التعليم عندنا متدهور أم الرئيس الذي يريد من خريجي الجامعات أن يسوقوا عربة خضار للحفاظ على صحة الناس لأنو عايز يكون البياع متثقفاً وفاهماً.. - أم وزير التعليم العالي الذي يطالبهم بالعمل في أي مهنة شريفة ولو سياقة توك توك؟ - الجاحد ده لازم قتلو من غير محاكمة لأنو خاين وباع مصر... وأما الحلول الفعلية وهي في يد أجهزة معينة فيرجح أن تكون هكذا: جهاز 1: جيبوا الواد ودوه قرشين وخليه يعمل فيديو ثاني معانا. جهاز 2: جيبوا الكلب ابن الكلب ووضبوه حتى يعلم أن الله حق وبعد ما تصفُّوه قولوا إن الإخوان قتلوه لأنه قرر يتوب ويفضحهم لأنهم ورطوه حتى يكذب على النظام والناس وينشر التشاؤم بالبلد.. جهاز 3: سيبوا العيال بتوع التوك توك يطيِّنوا عليه عيشتو. جهاز 4: أنتو نايمين على ودانكم. ده حنا انتهينا من الواد.. وبدينا نحصر أسماء المشاهدين وعناوينهم!!

مشاركة :