نصف الحقيقة الآخر \بقلم منذر الأسعد \ حُكْمُ المجانين

  • 11/12/2016
  • 00:00
  • 37
  • 0
  • 0
news-picture

2016/11/10 ذهب أبو العبد إلى وزارة الداخلية اللبنانية متأبطاً طلباً مكتوباً لقبول ترشحه إلى رئاسة الجمهورية.. نظر الموظف إليه بازدراء ولكن ببرود أعصاب، وسعى لإفهامه أن مجلس النواب هو الذي ينتخب الرئيس نظرياً – وواقعياً تنتخبه الدول الأجنبية بحسب قوة تأثيرها - ..وأن هناك عُرْفاً محل إجماع منذ ميثاق 1943، بتخصيص الرئاسة الأولى للموارنة ورئاسة الحكومة لأهل السنة ورئاسة البرلمان للشيعة.. وأبو العبد ليس مسيحياً أصلاً.. حاول الموظف بكل السبل أن يثنيه عن طلبه المثير للضحك، لكن صاحبنا أبى أن يفهم بأي طريقة.. أخيراً غضب الموظف وقال لأبي العبد: «ولك» أنت مجنون؟ قال أبو العبد: «ليش» هذا من الشروط؟؟ * * * بينما يكون هذا العدد من «اليمامة» في المطبعة، تكون نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية قد ظهرتْ ونعرف من هو سيد البيت الأبيض في السنوات الأربع المقبلة: دونالد ترامب أم هيلاري كلينتون؟ ولا يمكننا اتهام أي منهما بالجنون، لولا أن المُخْرِج الأمريكي ذائع الصيت مايكل مور، أعلن أن ترامب مُخْتَلٌّ اجتماعياً!! وهذا مصطلح جديد لا ندري مدى علاقته بالجنون، فمن الشائع في عصرنا وصف المجنون بأنه مختلٌّ عقلياً! ويبدو أن مور انطلق في توصيفه هذا من تحريض ترامب أنصاره على الاعتراض بعنف على نتائج الانتخابات إذا فازت كلينتون بها.. فترامب هو أول مرشح للرئاسة في التاريخ الأمريكي، يرفض نتائج صناديق الاقتراع مسبقاً إلا إذا فاز بها، وكأنه يقلد مهرجي العالم الثالث، وهؤلاء معذورون لأنهم يعلمون أن الانتخابات في بلادهم ليست سوى مسرحية اضطر الطاغية إليها لإضفاء شكل ديموقراطي على استبداده، وأما النتيجة فمجهزة سلفاً. (أحدث مسرحية كهذه جرى تمثيلها في سوريا الأسد قبل سنتين في ظل حمام دم فتك بنصف مليون سوري وتشريد 13 مليوناً والأطرف أن أحد الكومبارس الذين طلبت المخابرات منهم الترشح دعا «جمهوره» إلى انتخاب بشار رئيساً). صحيح أن الصهاينة يعترضون على «بعض» نتائج الانتخابات، لكنها ليست انتخاباتهم وإنما الانتخابات الفلسطينية.. وقبل شهرين دعا يوسي بيلين –وزير «العدل!!!» السابق - إلى منع حركة حماس من المشاركة في الانتخابات المحلية الفلسطينية، التي كان مُقرَّراً إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقال بيلين - الذي شارك في صياغة اتفاق أوسلو - إذا شاركت حماس في الانتخابات القادمة، فإن على «إسرائيل» أن تعلن مسبقاً أنها لن تحترم أي نتائج تسفر عنها هذه الانتخابات، ولن تعترف بالفائزين من حماس ممثلين منتخبين من الجمهور الفلسطيني. وقد قررت سلطات أوسلو «الفلسطينية» تأجيل تلك الانتخابات لأن لديها القلق «البيليني» نفسه! وكلينتون على هذا الصعيد لا تقل انتقائية عن ترامب، لكن عداءها للديموقراطية محصور في الخارج.. فقد كشف موقع «أوبزرفر» عن تسجيل صوتي قديم للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون تقول فيه إنه كان يجب تزوير الانتخابات البرلمانية الفلسطينية عام 2006 والتي أسفرت آنذاك عن فوز حركة حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي (76 مقعداً من 132!) وكانت هيلاري تخوض وقتها السباق لإعادة انتخابها لعضوية الكونجرس. طبعاً أمام الشعب الأمريكي فترة قد تكون طويلة أو قصيرة، لكي يلتحقوا بنا نحن مواطني العالم الثالث، فيظهر منهم كُتَّابٌ يستحلفون الطاغية أن يقوم بتزوير الانتخابات ليبقى فوق رؤوس الشعب الذي يبغضه، مع أن هؤلاء المنافقين يزعمون أن الشعب يهيم بالطاغية!! فإذا كان الطاغية محبوباً فما حاجته لتزوير الانتخابات؟؟ وهنا أستعيد طرفة سياسية عالمية قيلت عن فرانكو وهتلر وبنوشيه، فوظفها العرب الذين يقمعهم العسكر الطغاة، فقيلت عن عبد الناصر وغيره، ووصلت إلى حافظ الأسد: عندما كان بشار طفلاً جاء إلى أبيه وهو يطير من الفرح، وقال له: يا بابا كم يحبك الشعب.. قال حافظ: من قال لك؟ قال: كنت أحضر فيلماً في السينما وفي فترة الاستراحة عرضوا خطبة لك فظل الناس يصفقون حتى آخر كلمة.. ذهب حافظ إلى صالة السينما نفسها متنكراً، ليتأكد من هراء ولده، فهو يعلم أن الشعب يكرهه.. عند خطبته، وقف الحاضرون جميعاً وأخذوا يصفقون له بحرارة.. خجل حافظ أن يصفق لنفسه، وشرد ذهنه في محاولة لتفسير هذه المحبة الزائفة، ليفاجئه جاره بوكزة في خاصرته ويقول له: صَفِّقْ يا ثور.. فنِصْف الذين حولنا مخابرات!!

مشاركة :