نصف الحقيقة الآخر \بقلم منذر الأسعد \ أمة تنتظر الحرائق

  • 12/2/2016
  • 00:00
  • 25
  • 0
  • 0
news-picture

قالت الأم لابنتها الصبية التي قررت السفر إلى لندن: إذا حاول أحد السفهاء تقبيلكِ فقولي له: Dont.. وإذا حاول أن يلمس شيئاً من جسدك فقولي: Stop. بعد أيام اتصلت الأم بابنتها للاطمئنان عليها، فأبلغتها البنت بكل فرح: يا أمي طبقتُ توصياتك بحذافيرها والحمد لله.. لكن المشكلة أن الشباب الخربان هنا يقبِّلون ويلمسون في الوقت نفسه.. ولكن لا تخافي على بنتك.. كلما فعل أحدهم ذلك معي كنت أقول له: Don›t stop!! * * * نحن العرب في هذا العصر أسوأ حالاً من فتاة النكتة هذه.. فالدول المحيطة بفلسطين المحتلة تحرس الاحتلال وهذا عار ليس له سابقة.. والأقبح منه أن بعض هؤلاء يرفع عقيرته بتحرير القدس وهو أشد عملاء تل أبيب وفاءً وإخلاصاً.. فطاغية الشام بشار سار على نهج أبيه الدجال الأكبر، حيث تبدأ حماية الجولان الذي باعه للعدو من غرب دمشق مباشرة، فلا يستطيع أي سوري زيارة المنطقة المحاذية للأرض المحتلة إلا بتصريح مسبق من المخابرات العسكرية، التي تحقق معه ولا تأذن له إلا إذا تأكدت من أنه يزور أقارب له هناك.. ثم تمنعه من أن يحمل أي سلاح ولو كان سكاكين للمطبخ! * * * لذلك لم يترك المتاجرون بقميص فلسطين لعامة الناس إلا الدعاء وأحلام اليقظة، بأن يناموا في الليل ليستيقظوا صباحاً وقد زال الكيان الصهيوني من الوجود!! وهذا هو سر الفرح العارم الذي اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي.. فنحن محرومون حتى من نذالة اليهود يوم قالوا لموسى عليه السلام: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون.. حتى هذه نخاف منها ونهرب من قولها لأن سراديب التعذيب لدى الطغاة حُرَّاس الاحتلال ستتهمنا بالعمالة ل«العدو» الذي يحرسونه بلا مقابل سوى بقاء الطاغية على كرسي الظلم والنهب!! * * * اشتعلت حرائق ضخمة في 15 موقعاً في مناطق عدة من فلسطين المحتلة، فخدَّرنا أنفسنا بأن دعاءنا مستجاب.. وصفقنا لأننا اعتبرناها عقاباً ربانياً للقوم لأنه منعوا الأذان بمكبرات الصوت. ونسينا أنه لو كان هذا هو سبيل دحر العدوان لما قاتل النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كفار قريش ولا اليهود الخونة ولا قاتل الصحابة من بعده المرتدين ثم الروم والفرس حتى نصرهم الله عليهم جميعاً. وفي المقابل، ارتفعت أصوات تدعو إلى عدم الشماتة بهذه الحرائق، لأنها تُدمِّر غاباتنا في الأرض المحتلة.. فقال قائل: لا يا سادة إسرائيل لا تحترق.. ولا يهلوس أحدنا فيقول إن الله انتقم لأنهم يحاولون منع الآذان.. الصهاينة يا سادة يحرقون زيتون فلسطين التاريخي المعمر.. يحرقون الشجرة المباركة.. يحرقون روح الإسلام والقرآن المتجذرة في الأرض المقدسة.. يحرقون زيتوننا الفلسطيني الهوية.. ليزرعوا مكانه مستعمراتهم صهيونية الهوية. هم أطلقوا الشعار.. (إسرائيل تحترق) عبر جوجل والإنترنت.. ليظهروا أمام العالم أنهم ضحية أعمال الفلسطينيين وغوغائيتهم... وصار العالم يشاهد ما ننشره نحن عبر وسائل التواصل كيف إن أسرائيل تحترق وكيف نحتفل نحن فطاحل الأرض بهذا الحدث... * * * وكأننا سنحرر هذه البقاع المباركة غداً أو بعد غد!! لكنها السلبية القاتلة فالعاجز يشغل نفسه إما بشماتة لا تقدم ولا تؤخر وإما برفضها كأن النار أصابتنا نحن!! ومن المفارقات أن المحاضر في الجامعة العبرية «عميرام غولدبلوم»، في منشورٍ له على «فيسبوك»، اتهم رئيس وزرائهم نتنياهو بالوقوف وراء الحرائق التي تجتاح «إسرائيل»؛ من أجل إخفاء قضية الغواصات الألمانية.

مشاركة :