هل فكرت يوماً بمشاهدة الفيلم الإيطالي «الجمال الكبير»؟ الاحتمال الأكبر أنك لم تفكر بذلك لأسباب عديدة، أهمها أنه فيلم باللغة الإيطالية وليس بالإنجليزية كما هو حال معظم الأفلام التي نشاهدها، ثانيها أننا تعودنا نمط الأفلام الهوليودية ذات الإنتاج الضخم والمبهر، وليس تلك الأفلام البسيطة المعتمدة على قصة خلاقة وفكرة لافتة. لكن دعني أخبرك أننا نحرم أنفسنا - دون نعلم - متعةً لا تصدق، فالتجارب السينمائية في الأمم الأخرى لديها الكثير مما يجب أن نشاهده، ولديها الرائع مما قد يؤثر في عقولنا ويحرك مشاعرنا، ذلك أنها تعرض قضايا ومحاور مختلفة، بعضها - ويالعجب - قد يكون قريباً مما نعيشه نحن على عكس ما تقدمه السينما الأمريكية، والأجمل أنها ترسم بصورة معالجة مختلفة عما اعتدنا مشاهدته في السينما الأمريكية، فلمَ لا تحاول يوماً ما أن تختار لسهرتك فيلماً سينمائياً غير أمريكي؟ بالطبع لا أضمن لك أن تعجب بما تشاهد، لكنني أؤكد لك أنه سوف تشاهد شيئاً مختلفاً. لذا فإن تشجعت يوماً لتلك المحاولة؛ فدعني أقترح عليك بضعة أفلام من «المتوقع» أن يعجبك أحدها: الفيلم الأيطالي «الجمال الكبير» (2013)، الذي يدور حول الكاتب العجوز «جيب جامبرديلا»، الذي يعيش حياة رغدة وليالٍ صاخبة في «روما»، متاحاً له الاستمتاع بالطبيعة الخلابة والعلاقات الاجتماعية المخمليّة، لكنه مع ذلك لا يشعر بالسعادة، ويحن إلى أيام صباه، فنعيش نحن وإياه تنقلات بين عتيق «روما» وحاضرها اليوم. ومنه إلى الفيلم الإسباني «متاهة بان» (2006) عن تلك الفتاة الصغيرة التي ترحل صحبة والدتها الحامل لتعيش مع زوجها الجديد «القائد العسكري» خلال فترة القمع العسكري للجنرال «فرانكو»، ثم إلى أمريكا الجنوبية، حيث الفيلم الأرجنتيني «السر في أعيونهم» الحائزة على أوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 2009م، لنعود مع المحقق القضائي المتقاعد «بنجامين اسبوزيتو»، ليكتب عن جريمة اغتصاب وقتل فتاة لم تحصل قبل ثلاثين عاماً. أما في السينما التركية فعليك بفيلم «بيات شتوي» للمخرج التركي «نوري بيرغ سيلان»، وهو الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية لمهرجان كان عام 2013م، حيث الممثل السابق «أيدين» الذي يدير فندقاً صغيراً مع زوجته، في الوقت الذي لا تزال شقيقته تعاني آثار طلاقها، ومع حلول الشتاء يتحول الفندق إلى ملجأ لا يمكن الهروب منه. أما في السينما الفرنسية، فعليك بالفيلم الدرامي الفكاهي «المنبوذون» «2011م» عن القصة الحقيقية للثري المشلول «فيلب»، الذي يستأجر «إدريس» الفقير لرعايته والعناية به، لتتطور الأحداث ويقوم كل منهما بتغيير حياة الآخر. وبعد فالقائمة تطول وتمتد، ذلك أن كل بلد ذي صناعة سينمائية يفخر بالكثير مما يجب على عاشقي الفن السابع أن يشاهدوه ويستمتعوا به، بيد أن الخطوة الأولى تبدأ بالخروج من قفص «هوليود» نحو سماء الإبداع الإنسانية، حينها سوف تكتشف عالماً واسعاً من الخيارات الممتعة.
مشاركة :