أن تضع هدفاً للقضاء على الجوع في مصر بحلول عام 2020 فأنت كمن يحاول الترشح لمنصب سياسي فيداعب مشاعر الشعب، ولكنك إذا كنت مؤسسة غير ربحية، فهذا يعني أنك لا تروم شيئاً من هذا، وبنك الطعام المصري وضع هذا الهدف نصب عينيه. بنك الطعام في مصر تجربة رائدة وقوية، وجمعية إطعام السعودية تجربة وليدة تقتفي أثرها، وكلاهما تمت استضافته في ديوانية رئيس اللجنة الوطنية للأوقاف في السعودية السيد بدر الراجحي لاستعراض تجربتهما في جمع من المهتمين والمثقفين ورجال الدين. لغة الأرقام تشي بقصة نجاح البنك المصري التي قدمها الدكتور معز الشهدي المؤســــــس والعضو المنـــتدب للبنك، فمـــنذ انطلاق العمل فعلياً عام 2006 وحتى 2014 كانت هناك قفزات واضحة، فالإطعام الشهري بالأطعمة الجافة قفز من 10 آلاف إلى 240 ألفاً، وعدد المتطوعين من نحو ثلاثة إلى 47 ألفاً، والجمعيات المشاركة من 180 إلى 6500 جمعية، وكثير من الإحصاءات حول الإطعام الموسمي في رمضان والحج. اللافت في قصة هذا البنك هو إيمان الناس به، ومن ثم الحكومة، وهو نجح في أن يخصص درساً كاملاً في منهج القراءة في الصف الثالث الابتدائي عن نشاطاته وأهدافه، وتجاوز مسألة إطعام غير القادرين على إيجاد الطعام إلى تشغيل ذويهم، وتمليك الشباب مشاريع مطاعم المدارس، وتشغيل الأسر المنتجة، ثم انتقل إلى إنشاء وتملك مشاريع غذائية عملاقة لتحقيق الاستمرارية. التجربة السعودية وليدة نسبياً ونجاحاتها تتلمس طريقها إذا وجدت الدعم الكافي والإيمان العميق والمتطوعين الكافين لتنفيذ طموحاتها، وهي بدأت بمبادرة من بعض رجال الأعمال في المنطقة الشرقية ثم انتقلت إلى الرياض وجدة بهدف حفظ النعمة. كلاهما ومعهما بنوك الطعام في العالم تبحث عن وقف الهدر، ليس فقط وقفه في الاستهلاك، بل وأيضاً عند الإنتاج، إذ إن الأرقام التي يفقدها العالم مخيفة، وهي ترتفع أكثر في العالم العربي. إذا نجح العرب كما نجحت أمم أكثر تحضراً في وقف الهدر في الطعام، والكساء، والطاقة، وأضيف إليها الوقت، فستكون حال العرب أفضل كثيراً اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، وبالتالي سياسياً. على المصريين زيادة دعم بنك الطعام المصري، وعلى السعوديين زيادة الانتباه والدعم والتطوع في بنك الطعام الوليد نسبياً لديهم لأن هذه المؤسسات لا تحفظ النعمة وتشبع الجائعين فحسب، لكنها تغير من مفاهيم كثيرة في السلوك العام الغذائي والاقتصادي، وفي التربية والتعليم، ولعل السعودية تقتفي أثر مصر، وتخصص صفحة في مقرر القراءة عن بنك الطعام.
مشاركة :