شهادات الخارج وسوق العمل - عبد العزيز المحمد الذكير

  • 6/15/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

قيل إن وظائف الدولة في غمرة بريقها قبل ثلاثة أو أربعة عقود كانت منفى للكفاءات حيث قتل الروتين كل إبداع وكل مبادرة وأخضعها حسب النظام إلى ألف مراجعة وتمحيص قبل وضعها موضع التنفيذ. والشهادة الجامعية كانت الضمان يتلهّف عليها ويحاول القفز وظيفيا بأخذ دراسة عليا في الخارج أو في الداخل، رغم كونه على وظيفة حكومية. واعتاد قومنا على هذا النمط من العمل حتى إن رجلا تقدم للعمل بشركة من الشركات الأجنبية التي كانت قد حظيت بعقد من الحكومة، وحصل نقاش بين القادم الجديد ومدير الشركة، فالأول يطلب " ابتعاثه " لكي يعود ويعمل لديهم . وكنتُ القائم بواسطة الترجمة بين الأطراف . فقال المدير : أنا لا أفهم ! فنحن سنأخذك عندنا لتقوم بعمل كذا، تحقيقا لرغبة من أوصى بك ! لكن إذا كان الابتعاث ضمن شروطك فنعتذر عن ذلك لأننا نعمل ضمن ميزانية . الشخص كان يحمل شهادة جامعية في إحدى العلوم النظرية، ولا يُجيد الإنجليزية. أذكر أن الأفراد كانوا يميزون بوزاراتهم التي يعملون فيها. فيقال فلان البلدية... وفلان المواصلات هذا اذا حدث وصار الاثنان يحملان نفس الاسم والاسم العائلي. وهذه الانتماءات الوظيفية على غرابتها لا تخلو من منافع حتى إن أُسراً بكاملها عُرفت بأنها محسوبة على تلك الوزارة او المصلحة. والذي نشاهده الآن ان ذلك البريق الرسمي خف بعض الشيء فرأينا كيف استقطبت المصارف وبيوت المال رجالاً كانوا مغمورين وظيفياً أو بلغة العصر مهمشين لا أحد ينتظر منهم آراءً أو وجهة نظر. وكانت وظائف الحكومة حتى عقدين مضيا متاحة لمن يحمل شهادة أعلى.. وتسابق الناس نحو بريق الوظيفة وتألق المنصب ولمعان المرتبة وضوء الوفرة والغنى. وأذكر حالات مرّت علينا، في المكتب الثقافي في لندن عندما وصل مبتعثون للدكتوراه ليكون موضع أطروحة أحدهم تحديد مسار واحد من الأودية في جزيرة العرب. والآخر كان الجير أو الكالسيوم في منطقة جبلية من بلادنا. وقبلت الجامعة مشروع الرسالة لكنها اشترطت ذهاب الدارس مرة كل ستة أشهر إلى المملكة والعودة بالجديد. ولم يكن بالإمكان قبول أنظمة وزارة المعارف (آنذاك) هذا الالتزام فحصلت أزمة نظامية كان الخروج منها صعبا للغاية . وأعتقد أن الجامعة قبلت ذاك النوع من الدراسات للاحتفاظ بالأطروحة كمرجع حصلت عليه دون تعب. لا أقلل من شأن بحوث كتلك، لكنني أسأل هل كان من الضروري الابتعاث لمناقشتها هناك؟

مشاركة :