مي السكري | مراكز وأندية صيفية غير مهيأة بيئياً وإنشائياً.. وبرامج وأنشطة تقليدية وغير جاذبة.. معاناة نفسية واجتماعية.. وشراكة مجتمعية غائبة! جملة من المشاكل تبرز أمام العديد من أسر ذوي الإعاقة كلما حلّ موعد العطلة الصيفية، حيث تبدأ رحلة البحث عن أندية متخصصة لتستقبل أبناءهم واستثمار أوقات فراغهم صيفاً بما يعود عليهم بالنفع فضلاً عن تأهيلهم لسوق العمل، إلا أنهم يُصدمون بالواقع ويصابون بخيبة الأمل. القبس استطلعت آراء باحثين نفسيين ومتخصصين في مجال الإعاقة، حيث شددوا على أهمية النوادي الصيفية في تأهيل ذوي الإعاقة واحتضان مواهبهم واستثمار طاقاتهم، فضلاً عن تعديل سلوكهم ودمجهم في المجتمع، وطالب ناشطون عاملون في المجال بدعم جمعيات النفع العام المعنية بحقوق هذه الفئة وتعزيز مفهوم الشراكة المجتمعية: شددت رئيسة مجلس إدارة الجمعية الكويتية لأولياء أمور المعاقين رحاب بورسلي على أن الأندية والمراكز الصيفية تؤدي دورًا كبيرًا في حياة ذوي الإعاقة واستثمار وقت فراغهم ببرامج وأنشطة تربوية وثقافية واجتماعية ورياضية وفنية ومهنية وعلمية هادفة وجاذبة، مشيرة إلى معاناة هذه الفئة من عدم وجود مراكز وأندية صيفية جاذبة تحتضن مواهبهم. وطالبت بورسلي بتفعيل الأندية الصيفية وتهيئتها بيئيًا وإنشائيًا بطريقة مطورة تواكب متطلبات العصر واحتياجات ذوي الإعاقة، وتوفير البرامج والأنشطة الحديثة المتطورة، وتوفير الكوادر التدريبية المختصة للتعامل معهم. ودعت إلى ضرورة دمج الأشخاص ذوي الإعاقة مع أقرانهم الأصحاء مجتمعيًا ومهنيًا وعدم عزلهم، وبينما ثمنت حرص بعض جمعيات النفع العام على توفير برامج خلال الصيف، انتقدت غياب الشراكة المجتمعية الحقة والدعم الحكومي لهذه الجمعيات. وأكدت بورسلي حرص الجمعية على استثمار البرنامج الصيفي الحالي بنشاطين رئيسيين، بينها التدريب الذي يقام للعام الـ11على التوالي لمنتسبيها بالتعاون مع القطاع الخاص بهدف تأهيلهم لسوق العمل والاحتكاك مع الجمهور وتعزيز ثقتهم بذاتهم، مشيرة إلى أن عدد المتدربين في البرنامج بلغ 19 متدربًا من ذوي الإعاقة الذهنية والحركية إضافة إلى 6 مشرفين متطوعين. تحدٍ كبير بدوره، اعتبر الناشط في مجال الإعاقة علي الثويني أن الأندية الصيفية في مجال المعاقين تشكل تحديًا كبيرًا للهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، فحتى بعد مرور سبع سنوات من تطبيق القانون لم تتمكن الهيئة ولا «الشؤون» و«التربية» أو هيئة الرياضة أو جمعيات النفع العام والأندية، من استيعاب ذوي الإعاقة في الفترة الصباحية والمسائية، ما شكل ضغطًا اجتماعيًا ونفسيًا على أسر ذوي الإعاقة. ولفت الثويني إلى أن تأخر إشهار بعض الأندية كنادي وربة ونادي الإعاقة الذهنية، ساهم في زيادة معاناة الأسر ودفع القطاع الأهلي والمجاميع التطوعية إلى السعى للاستفادة من هذا الفراغ، من خلال استقطاب الأشخاص ذوي الإعاقة إلى برامجها الصيفية، وهناك أسر تحاول التوجه بأبنائها للسفر والسياحة إلى الخارج، مطالبًا بتعاون «الشؤون» وهيئة الإعاقة مع جمعيات المجتمع المدني لتوفير برامج صيفية أو شتوية على مدار السنة لاستقطاب تلك الفئات خاصة الإعاقة العقلية. ندرة البرامج من جانبها، لخصت د. مريم الكندري، وهي ولي أمر طفل توحدي، الأمر بأن «همومنا كبيرة، وكل يوم في الصيف يعتبر تحديًا لنا ولأبنائنا». وذكرت أن المعاناة كبيرة من ندرة البرامج الترفيهية التعليمية للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، مطالبة بتوفير نوادٍ مشتركة تستقبلهم مع أقرانهم الأسوياء ما يسهل على الأهل والأطفال الدمج والتفاعل مع غيرهم، فضلاً عن نوادٍ تعليمية مميزة كنوادي العلوم أو الرياضيات حيث لدى بعض أطفال الاحتياجات قدرات تعليمية مميزة. وأضافت: أطفالنا بعيدون عن نظرائهم في البرامج التعليمية والعلاجية لذا نسعى جاهدين إلى تصميم برامج مناسبة لدمجهم مع المجتمع، معتبرة أن عزلهم في نوادٍ خاصة أمر مؤلم ومتعب للأهالي. مراكز ملائمة إلى ذلك، شددت مديرة ومؤسسة مركز نادي السلام التربوي لذوي الإعاقة ومستشارة اجتماعية وتربوية وأسرية إزدهار العنجري على أهمية المراكز والأندية الصيفية لذوي الإعاقة ودورها المكمل للمدارس. وأشارت العنجري إلى أن الكثير من المراكز توفر دروسًا للتقوية والتدريب وتنمية المهارات للمنتسبين، إضافة إلى الجانب الترفيهي المتنوع كالرسم والتلوين وتحضير الطعام والمشغولات الفنية والألعاب التربوية وغيرها، إلى جانب الأنشطة الخارجية مثل الرحلات والزيارات للمراكز ذات الصلة. ودعت أولياء الأمور إلى تسجيل أبنائهم ذوي الإعاقة في المراكز الملائمة بدلاً من تركهم في المنزل مع العمالة المنزلية أو مع من لا يفهمهم، مضيفة «أصبح أغلب أولياء الأمور مشغولين بأمورهم الحياتية ويتركون أبناءهم في يد الخدم ويعتمدون عليهم كليًا في تربيتهم ورعايتهم». ولفتت إلى أن مركز نادي السلام التربوي يعمل على توفير كل ما يهم مصلحة الأبناء من ذوي الإعاقة، حيث يستقبل جميع الأعمار وجميع أنواع الإعاقات من الجنسين، كما يقدم برامج مميزة طول العام وليس فقط في فترة الصيف، منوهة بأنه بجهود الكوادر التدريسية استطعنا تعديل سلوك الكثير من أبنائنا وجرى تحسن الكثير من الحالات المختلفة، إضافة إلى تنمية العلاقات الاجتماعية بين المشتركين. وكشفت عن خطة المركز في التنوع في الأنشطة الصيفية وتطوير البرامج مستقبلاً من خلال تنظيم الرحلات والسفر خارج البلاد لتدريبهم على الاعتماد على النفس والاستقلالية. هيئة الإعاقة لـ«القبس» : تفعيل مراكز الابتكار في سبتمبر كشفت مراقبة التأهيل والأنشطة بهيئة شؤون الإعاقة دلال الحمدان أن الهيئة بصدد التعاون مع جمعيات النفع العام العاملة في المجال لتوفير البرامج والأنشطة المتنوعة، لافتة إلى أن اللجنة المشتركة بين «الإعاقة» وهيئة الشباب وقّعت بروتوكول تعاون لوضع آلية عمل مشتركة. وأضافت الحمدان لـ القبس أن من ضمن أعمال اللجنة اختيار مدرستين نموذجيتين في العاصمة والجهراء، لإنشاء مراكز خاصة للابتكار واستخدام التكنولوجيا والحرف المهنية، وفتح باب الاستفادة من إبداعات ذوي الإعاقة، مشيرة إلى أن مشروع الابتكار يعد من المشاريع الضخمة على مستوى مجلس التعاون الخليجي، وتم تأجيل العمل به إلى سبتمبر المقبل لتوفير بيئة آمنة وداعمة للطلبة وتجهيزها على أعلى مستوى. فيصل الشمري: تعزيز الشعور بالمسؤولية طالب فيصل الشمري، وهو معاق حركي، بتوفير نواد ومراكز صيفية في جميع المحافظات بما يتناسب مع متطلبات ذوي الإعاقة بمختلف أعمارهم ورغباتهم، تسهم في تنمية الجوانب المختلفة لديهم وإبراز طاقاتهم واكتشاف النواحي الإبداعية، خصوصاً التوحد ومتلازمة الداون، كما تعزز الشعور بالمسؤولية وروح التعاون والعمل الجماعي، إضافة إلى اكتساب صداقات جديدة وتطبيق الدمج الاجتماعي. وتمنى الشمري من المسؤولين والجهات المعنية تبني أفكارنا وترجمتها على أرض الواقع، وإنشاء مراكز تحتوي على جميع متطلبات ذوي الإعاقة الثقافية والعلمية والرياضية والاجتماعية، وهو ما لا يتحقق إلا بتضافر جميع الجهود. حدائق.. معطّلة! لفتت د. مريم الكندري إلى أن أغلبية الحدائق العامة في المناطق السكنية معطّلة وغير مجهزة لأشهر الصيف الحارة، متسائلة: لماذا لا تتم الاستفادة منها في توفير ألعاب ونوافير مائية بسيطة وممتعة؟ مراكز لصقل المواهب اقترح الناشط علي الثويني على وزارتي التربية والشؤون افتتاح مدارس ومراكز التأهيل للفترتين الصباحية والمسائية، لاستيعاب ذوي الإعاقة وصقل مواهبهم وتوفير كل الأنشطة المختلفة لهم. تكافل اجتماعي للصم بلغة الإشارة، تحدث لـ القبس أمين السر في النادي الكويتي الرياضي للصم محمد الكندري، عن معاناة أولياء أمور ذوي الإعاقة، خصوصاً السمعية، في البحث عن نواد صيفية تستقبل أبناءهم، فضلاً عن عدم وجود إعلانات كافية عنها، مثمّناً الخدمات والأنشطة التي يوفرها مركز الارتقاء للصم في العطلة الصيفية بالتعاون مع النادي الكويتي للصم، منها المشاركة في مسابقة حفظ القرآن الكريم، وزيارة المرضى الصم في المستشفيات، وتوزيع وجبات الإفطار على الصائمين وزكاة الفطر، لتعزيز مفهوم التكافل الاجتماعي. وناشد الجهات الرسمية والوزارات والمعاهد والجامعات والجمعيات التعاونية بتفعيل دور ذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم في المجتمع، لا سيما في الصيف، وشغل أوقات فراغهم بما يعود عليهم وعلى المجتمع بالنفع.
مشاركة :