إيليا القيصر| باحت مغسلات الموتى الكويتيات بمشاعرهن لـ القبس، مؤكدات أن المناظر المفزعة لا تبرح مخيلتهن حتى في الاحلام، مشيرات إلى أن تغسيل القتيلات والنساء اللائي قضين بحوادث مروعة أكثر ما يؤلمهن. وعبرت المغسلات عن مشاعرهن لـ القبس بروايات وحكايات وقصص مؤلمة، وتجارب تستحق التوقف أمامها، مشيرات إلى أنهن قبلن على مضض بوظائف تغسيل الموتى حتى يعلن أولادهن وأسرهن، مؤكدات أنهن يعاملن الجثامين كما يرغبن في حسن معاملتهن بعد رحيلهن عن الحياة، لافتات إلى أن نظرة المجتمع لا تزال قاصرة تجاه مثل هذه المهن. وأكدت ام بدر (رحمة الراشد)، التي تعمل مغسلة موتى لأكثر من 10 سنوات ان إقبال الكويتيات على وظيفة مغسلة زاد خلال الفترات الأخيرة عن ذي قبل، مشيرة إلى ان معاش هذه الوظيفة وبدلاتها شجعت الكثير من الفتيات في أعمار العشرينات على القبول بها، لا سيما ان التعيين فورا دون انتظار الدور في الديوان، موضحة ان حوالي 20 كويتية يعملن كمغسلات. عوار القلب وبينت ان هذه المهنة سهلة لمن يحبها، ولكن أصعب ما فيها وما «يعور القلب» الحزن الذي نشهده من أهل المتوفاة خلال الجنازة، وذلك بالطبع يؤثر علينا نفسيا وعلى حالاتنا المزاجية حتى بعد العودة إلى المنزل تظل المشاهد الحزينة ملتصق بنا لا تتركنا حتى خلال النوم، حيث نشاهد في أحلامنا تكرارا لما عشناه خلال اليوم. وشددت على ضرورة ان تتقي المغسلة الله في عملها وان تراعي الأمانة التي بين يديها، وان تعامل الجثمان كما تتمنى ان تعامل بعد الوفاة، لافتة إلى ان هذه الوظيفة تتطلب من صاحبها الكتمان فما يرى خلال التغسيل من سلبيات او ايجابيات لا يجوز البوح به. وكان لنا حديث مع أمينة الكندري، التي أكدت ان قبولها لهذه الوظيفة كان رغما عنها منذ 17 عاما، لأن سنها بلغ الـ40 عاما، وديوان الخدمة لم يوفر لها إلا هذه الوظيفة، حيث كانت وقتها في أمس الحاجة إليها لتتمكن من رعاية أبنائها بعد ان طلقت. بكاء وألم وقالت ان أول أيام الدوام كانت جدا خائفة وكانت كثيرا ما تبكي مع أهل المتوفاة، كما كان يزعجها حالات الوفيات نتيجة الحوادث او القتل وغيرها، التي تجد صعوبة بالغة في تغسيلها، مؤكدة إنها خلال الثلاثة أشهر الأولى لم تستطيع النوم بسبب تكرار الأحلام المزعجة ما اضطرها إلى تناول حبوب منومة. وبينت انها كانت تخجل كثيرا من البوح بمهنتها أمام أي احد، إلا ان إخوانها شجعوها على عدم الحرج إلى ان بدأت تعتاد الوظيفة بل وأحبتها. ولفتت إلى ان العديد من الفتيات تقدمنا لوظيفة المغسلة، إلا ان اغلبهن تراجعن ولم يتمكن من الاستمرار، إلا من هي في حاجة ماسة للوظيفة، مشيرة إلى ان البعض فضلها عن وظيفة السجانة عندما خيّرت بينهما. وقالت ان حالتها النفسية تغيرت بعد امتهان هذه المهنة، حيث تغلب أوقات الحزن على أوقات الفرح، ويميل الشخص إلى الاكتئاب لحد ما.
مشاركة :