الدكتور عبدالرحمن الفاضل يتحدث عن الكذب ومخاطره

  • 7/21/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في خطبته ليوم الجمعة بجامع نوف النصار بمدينة عيسى أمس تحدث خطيب الجامع الدكتور عبدالرحمن الفاضل عن الكذب كمدخل من مداخل الشياطين، وجماع كل شر لسوء عواقبه، وقبح نتائجه كمشعل للنميمة المنتجة للبغضاء والعداوة والشحناء.. فقال: يقول تعالى: «هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ. تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ، يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ». الكذب مدخل من مداخل الشياطينِ، وهو سلاحهم الذي يصدون به العباد عن طاعة ربهم سبحانه وتعالى. الكذب سم زعاف، وداء خبيث يسري أثره السيئ الخطير في مفاصل الأمة بأسرها، إن فشا واستشرى فيها فتك بها، وإن تمكن منها مزقها شر ممزق. والكذب وسيلة شيطانية فعالة تعمل على تدمير كافة العلاقات لما له من تأثير في فقدان الثقة بين الناس بعضهم البعض؛ بالكذب تؤكل الحقوق، وبه تنتهك الحرمات، بل قد تدك بكذبة مفتراة البلاد وكذا قد تباد به الشعوب، إنه الطريق المعوج المؤدي إلى الفجور والفساد، يقول -صلى الله عليه وسلم- محذرا: «... وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فإن الْكَذِبَ يَهْدِي إلى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا». فالكذب جِماع كل شرّ؛ لسوء عواقبه، وقبح نتائجه؛ فهو مشعل النميمة المنتجة للبغضاء، الموقع للعداوة والشحناء، والمذهب للأمن والطمأنينة والهناء!! ومن سوء ودناءة الكذب وحقارة الكذابين كانت العرب في الجاهلية قبل الإسلام يستنكفونه ويأنفونه ويتحاشونه؛ لأنهم يستشعرون أنه مسقط للمروءة، ومناف للشجاعة والرجولة والشهامة، يرون فيه مظهرا من مظاهر الجبن والخسة والنذالة، روى البخاري عن عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما -، أن أبا سفيان بْنَ حَرْبٍ، أَخْبَرَهُ: «أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ - وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّاْمِ -... فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ، وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقَالَ أبو سفيان: فَقُلْتُ أنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا‏. فَقَالَ أَدْنُوهُ مِنِّي، وَقَرِّبُوا أصحابهُ، فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ‏. ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، فإن كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ‏. فَوَاللَّهِ لَوْلاَ الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَىَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ َعنْهُ». إذن هكذا تحرج أبوسفيان من الكذب حتى لا يعير بكذبة بعد ذلك، لعلمه أنها نقيصة في حقه ومعيبة، إنهم يعلمون أن الكذب من الخصال الذميمة، والصفات الخسيسة، فيتجنبها الشرفاء، ويترفع عنها الكرماء، وهم في جاهلية جهلاء!؟ وقد جاء الإسلام بالصفات الحميدة، وبمكارم الأخلاق الرشيدة؛ فأمر بالصدق، وشدد النكير على الكذب، وحذر من أنه صفة لصيقة بالجاحدين المعرضين عن آيات الله المكذبين بها، وعلامة من علامات المنافقين المبغضين لعباد الله المؤمنين، وعليه فإنه لا يمكن أن يكون الكذب صفة من صفات المؤمن، ولا خَلَّة من خِلاله أبدا، أخرج الإمام مالك في الموطأ من حديث صفوان بن سليم أَنَّهُ قَال: «قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَانًا؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقِيلَ لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ بَخِيلا؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقِيلَ لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا؟ فَقَالَ: لا». ومن هذا نعلم أن النبي –صلى الله عليه وسلم-لا يخشى على أمته، لا من مؤمن، ولا من مشرك؛ لأن المؤمن يحجزه إيمانه، والمشرك يقمعه كفره فلا يصدقه أحد، ونكون على حذر منه؛ ولكن الخشية كل الخشية من المنافق، الذي يقول بما تعلمون، ويظهر ولاءه ويبطن عداوته!؟ والكذب مما هو معلوم بالضرورة أنه ينافي الإيمان؛ لأنه عُمْدة الكفر وأصله، وصلب النفاق وروحه، فلا يكون الكذب إلا عند أهل الكفر، ولا يكون الكذب إلا عند أهل النفاق، هذا هو الكذب وأساسه، فلا عجب ولا غرابة إن أُدْرج الكذاب في معية المنافقين على التفصيل المبين لدى علمائنا! إنه الداء العضال الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم أمته؛ ذلك الداء الذي توسعت دائرته، وكثر مرضاه، وتعددت طرقه، وتنوعت سبله، واختلفت أساليبه، وتفاقمت آثاره السلبية، ولعظم خطورة هذا الداء حذرنا وأنذرنا منه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبين لنا ما تُعرف به علاماته، فعن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أربع من كنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر»، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من علامات المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم». ولأن المؤمن يطبع على خصال الفطرة السليمة؛ فإنه لا يكذب بأي حال من الأحوال، لقوله -صلى الله عليه وسلم -: «يُطبع المؤمن على الخلال كلها؛ إلا الكذب والخيانة». وإن هذا ما تؤيده نصوص آيات الكتاب العظيم، وما تؤكده أحاديث النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-. إن المؤمن يمنعه إيمانه عن الكذب؛ لعلمه أنه صفة لصيقة بالمنافقين؛ هؤلاء المنافقون الذين تجدهم؛ إن حسدوك كذبوا عليك، وإن وعدوا بشيء كذبوا وأخلفوا وعدهم، وإن خصموك فجروا في خصومتهم وزادوا في بهتانهم، فجميع صفاتهم السيئة تنطلق وتنبعث من هذا الكذب، والمؤمن ليس كذلك، يقول عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-: «الكذب جماع صفات المنافقين». إن كل هذه الصفات البغيضة تعد من أخص خصائص وخصال المنافقين، الذين يسعون في الأرض فسادا بما يتوافق ومصالحهم الدنيئة، وأطماعهم الرخيصة المتمثلة إما في منصب متقلب، أو حفنة من مال زائل، أو لُعاعَة حقيرة من لعاعات الدنيا الفانية، هذا الصراع والتنافس المشوب بالنفاق تظهر آثاره السيئة على حساب الناس ومصالح الأمة بأجمعها! ألم تروا كيف يظاهر أهل الكذب والنفاق من شياطين الإنس والجن بغضهم بعضا على الإثم والعدوان بزخرف القول الخبيث فيجتمعون على محاربة الحق وحملته، يقول تعالى: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ، وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مّقْتَرِفُونَ»؟ وعلى هذا فإنه لا حرمة، ولا كرامة لمن اتصف بالنفاق، وافترى الكذب ومشى بالوشاية والنميمة بين الخلق، وهو يعلم أنه أفاك أثيم عتل زنيم، هماز مشاء بنميم، لم يمسك لسانا عن مسلم، ولم يرع في الحقيقة ولاءً ولا مصلحة لشعب ولا لوطن!! وإننا على يقين أن المنافقين الكذبة لا يَعْدُون كونهم (سقط المتاع)، فهم الرويبضة الذين لا يعبأ بهم، ولا يلتفت إليهم، مع واجب أخذ كامل الحيطة والحذر من غدرهم وخيانتهم!؟ وإن مما يؤسف له في واقعنا الراهن أن نرى أمثال هؤلاء، هم من يتسنمون المناصب الرفيعة، وهم المقدمون ليتصدروا المحافل والمشاهد، وهم من تسلط عليهم وسائل الإعلام لتبرزهم على أنهم الأعلام، والأدهى من ذلك أنهم في هذا الزمن هم المؤتمنون المصدقون، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ الله عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «قَبْلَ السَّاعَةِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ، يُصَدَّقُ فِيهِنَّ الكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهِنَّ الصَّادِقُ، وَيَخُونُ فِيهِنَّ الأَمِينُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الخَائِنُ، وَيَنْطِقُ فِيهِنَّ الرُّوَيْبِضَةُ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ المَرْؤُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ العَامَّةِ». وكما يقول علماؤنا إنه يفهم من مجموع تفسيرات العلماء للرُّوَيْبِضَة، أنّ الحديث يشير إلى صنف من الناسِ لا يهمّهم أمرُ الدينِ في شيء، وَإِنّما هُمْ أصحاب أهواء دنيويّة، ومصالح شخصية، يرفعون رايات جاهليّة، ويدعون إلى مبادئ ضالّة هدّامة، ويحاربون الإسلام بكل الوسائل، ويعملون ليل نهار على تشويه صورة كل صالح مصلح، بمجرد أن يروا على يديه نجاحا ملموسا قد يتحقق على أرض الواقع في بلادنا، فتراهم يسارعون في تجيش مختلف وسائل الإعلام من أجل إفشال هذا النجاح بالعمل على تشويهه في أعين الناس، من قبل أن يلمس الناس آثاره في حياتهم!! ولهذا كان من الواجب الشرعي، ومن الواجب الوطني التصدي لهؤلاء الكذبة الذين لا يريدون خيرا للوطن، ولا صلاحا للشعب ولا الأمة؛ ولعظم هذا الأمر وخطورته كان من الضرورة بمكان فضح هؤلاء المنافقين الكذابين، لِتبرأ الذمة تجاه الله تعالى- أولاً، ثم تجاه، وطننا، ولاة أمرنا، وشعبنا، وبخاصة أن هؤلاء قد افتُضح أمرهم، وهُتك سترهم بما ظهر من شائن فعالهم، وقبيح مقولاتهم!! والأمر جد خطير بشأن كثير من هؤلاء الروابض - وتأكيدنا على ما سبق ذكره- من أن أمثال هؤلاء هم المؤتمنون وهم الخونة، وهم المصدقون وهم الكذبة المفترون، بالله عليكم ! كيف يفهم ذلك؟!. وتعظم مشكلة وبلية هؤلاء، ويتفاقم خطرهم عندما تسند إليهم الوظائف الرفيعة في أهم الوزارات، كالتربية والتعليم والإعلام والتوجيه والإرشاد وأشباهها؛ لما لهذه الوزارات من دور تربوي وتعليمي وتوجيهي؛ لأهم ثروة تمتلكها الدول، وهي ثروة تربية وتنشئة الأجيال، فإذا كان الكذب مرفوضا وسبة تلحق بالفرد العادي، فكيف بكذب من كان في موقع المسؤولية في مثل تلك الوزارات؟ ونُذكر بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد شدد في نهيه للناس عن الكذب مبينا أن الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل، وحتى في التعامل مع الصغار يجب أن يكون المتعامل معهم بعيدا عن التهاون في الكذب لكي لا يكتسب الصغار الكذب، فعَنْ عبداللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا، فَقَالَتْ: هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ؟» قَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ». وهذا الإمام البخاري -رحمه الله- لما أن رحل من بلاده إلى بعض الشيوخ ليسمع عليه الحديث، فلما أن جلس عنده جاء صغير، فقبض الشيخ يده، لكي يظن الصبي أن في يده شيئًا يعطيه إياه، ليأتي فيأخذ ما فيها، فقام البخاري من مجلسه وتركه، ولم يسمع عليه شيئًا؛ لأنه رأى أن ذلك كذبًا وقدحًا في الرواية عنه. فهذا البخاري يترك السماع من محدث كبير، لأنه أوهم الصبي أنه يريد أن يعطيه شيئًا، ولم يعطه، فما بالك بمن يكذب على الناس ليل نهار، ويسجل كذبه المباشر الصراح في أحاديث الفضائيات، وفي مقالات الصحف واللقاءات وغيرها، ويتهجم على الآخرين المخالفين في الرأي له بالباطل المفترى، ويرميهم بكذبه الزور، ويبهتهم بما ليس فيهم، وهو يظن – وقد خابت ظنونه – أن أمره غير مفضوح، وكذبه غير مكشوف، وما علم أنه إنما فضح نفسه بكذبه وافتراءاته الباطلة أمام الناس جميعا!؟ نقول بأمثال هؤلاء الذين يسوغون الكذب ويروجونه، وبأشباه هؤلاء الذين يزعمون أن الولاء مقدم على الكفاءة والخبرة، بأمثالهم وأشباههم تقوض الدول وتهدم وتنقض من أساساتها، فهل بعد ما انكشف أمرهم، وهتك سترهم يبقى هؤلاء في مناصبهم التي لا يستحقون، ليكونوا قدوة سيئة لأبنائنا التي يشرفون على تربيتهم وتعليمهم؟! وهنا نؤكد على ما أكدنا عليه قبل سنة في خطبة الجمعة المنشورة في صحيفة («أخبار الخليج» بتاريخ 25/3/2017) والتي جاءت في معرض الرد على مقال أحدهم ممن لا ينصحون لهذا الوطن حينما كتب قائلا: «الولاء قبل الخبرة في المناصب الحكومية» وقد رددت هذا الكلام وأنكرته وأنكره الناس جميعا؛ لما فيه من خداع وتضليل يودي بالفشل الذريع للدولة ومؤسساتها!! لأنه لا يمكن الفصل بين الولاء والكفاءة، وانه لا بد من كليهما ليستقيم الأمر وهو ما قلته وأكدت عليه لا غير وليس كما ادعى كذبا في مقاله!! ولكن الكاتب الأريب، والناصح غير الأمين، لم يرتض ما قلته؛ فرد بعد مضي عام ونيف أي نشر مقاله في ذات الصحيفة بتاريخ (17/7/2018) وأعتقد أنه لم يَرُد هذا الرَّد المخزي المُدان به لما ضمنه من كذب وبهتان-؛ إلا من بعد أن أوحى إليه شياطين الإنس بعد خطبة الجمعة الماضية؛ التي تحدثت فيها عن النفاق والمنافقين، ولعل ذلك أغضب البعض فزينوا له القول وزخرفوه فدعاه غروره ليرد بعد هذه المدة الطويلة على خطبة مضى عليها أكثر من عام، وليتهمني بالباطل - بموجب ما أوحى إليه- كاذبا ومفتريا ومحرضا ومتهما إياي بالحزبية في بهتان بين ومفضوح للناس جميعا، حيث قال: «... وحينها، انتفض عدد لا بأس به من المتحزبين، ومن أصحاب الولاءات الدينية الإقصائية، معترضين تمامًا على ذلك، وقالوا - بحسب توصيفهم - إنه لا ولاء إلا للوطن والأرض (يعني لا ولاء للقيادة) مع العلم بأن هؤلاء الذين انتفضوا هم من أكثر الناس ولائية للمرجعيات الدينية، وبشكل أعمى، أي أنهم يطبقون مفهوم الولاء في عملهم الديني الحزبي، ثم يعترضون على الولاء للوطن وقيادته، رغم أن هذا الأخير هو الولاء المنطقي والحقيقي. وأذكر حينها أن أحد رجال الدين الحزبيين الولائيين الإقصائيين تحدث في برنامج إذاعي بحريني، وخصص كلامه لهذه المسألة فقط، وأرعد وأزبد، معترضًا على معيار الولاء للدولة، ثم قفز خطيب جمعة من نفس التيار وخصص خطبة جمعة ينتقد فيها ما ورد في المقال من مفهوم الولاء للدولة والقيادة في تولي المسؤوليات. والسؤال المهم هنا هو: لماذا يعتبر هؤلاء أن معيار الولاء للدولة وقيادتها ليس أساسيًا؟ وخصوصًا أننا لم نقل إن الكفاءة ليست مطلوبة، بل هي مطلوبة وأساسية جدًا ويأتي قبلها الولاء للقيادة والدولة، فما حاجتنا إلى خبير خائن وإلى صاحب معرفة يطعننا من الخلف؟». (انتهى كلام المفتري الكذاب).

مشاركة :