نحتفل هذه الأيام بذكرى ثورة يوليوالمجيدة ، هذه الثورة التى غيرت ملامح الحياة الإجتماعية فى مصر ، و السياسية فى أفريقيا و العالم ، ثورة قام بها ضباط صغار الرتب كبار الوطنية ، ضباط أعادوا مصر و أرضها المغتصبة إلى شعبها ، ذلك الشعب الذى خٌلق ليسود ، خلق للقوة لا للضعف ، خلق للعزة لا للذل ، ضباط حملوا أحلام وطموحات شعب على عاتقهم فعانقهم الشعب و ساندهم ، لأنهم أبناء جيش خرج من رحم هذا الشعب. سطر تاريخ حافل بالبطولات العسكرية ، و المواقف المشرفة التى تؤكد عمق الترابط بين هذا الجيش والشعب الذى يحميه ، و إستنادًا إلى أن الفعل منطق التفسير و معيار الحقيقة وصدق النوايا سنتوقف عند ثورتان سبقتا ثورة يوليو وتعثرت أهدافهما ، ففى الثورة العرابية 1882 م ، عندما وقف ضباط الجيش بقيادة أحمد عرابى كانت مطالبهم إقامة برلمان للشعب ، وتحسين الظروف الإقتصادية للشعب ، ثورة لم يعلم معظم طوائف الشعب عن موعدها و طلباتها نظرًا لعدم توافر البنية التحتية للإتصالات و التواصل بين القاهرة و الأقاليم بل بين أحياء القاهرة نفسها بسبب الإحتلال للأرض و للسلطة فى قصر عابدين ، وبعد أن تولت الثورة مقاليد السلطة فى مصر وشكل محمود سامى البارودى أول حكومة مصرية ، تحركت القوات الإنجليزية المرابطة فى مياة الأسكندرية لغزو مصر حتى لا تمنح حكومة البارودى و رفاقه فرصة لإعادة بناء الدولة المصرية ، وهنا تدخل الشعب لدعم ومساندة عرابى ضد الإحتلال بعد أن أصدر الخديوى قرارًا بإقالة عرابى لدعم المحتل وخرج الشعب برجاله وخيوله وما يملكه من سلاح للدفاع عن الوطن .و الحكاية الثانية كانت فى ثورة 1919م ، عندما خرجت موجات من الشعب إلى شوارع القاهرة طلبًا للإستقلال والحرية ، عادوا مرة أخرى إلى منازلهم مرة أخرى دون أن يتحقق الحد الأدنى من مطالبهم وظل الإحتلال جاسم على صدورهم حتى ثورة يوليو ، عندما خرج الجيش و تقدم الصفوف ، وقدم الضابط أنور السادات الدعوة للشعب لدعم جيشه من خلال حديثه الإذاعى الخالد ، فخرج الشعب فى صفوف ليحيط رجال قواته المسلحة و يصلا بمصر إلى بر الأمان .والحكاية الثالثة كانت تبادل للأدوار حيث خرج الشعب فى 30 يونيو ضد حكم الجماعة آرث الإحتلال البريطانى التى صنعت خصيصًا لتكون شوكة فى حلق أى حاكم لمصر ، وخرج الجيش ليحيط شعبه ويحول بينه وبين إرهاب الجماعات التى كشف الستار عن نواياها و مموليها ، وكل هذه الحكايات تؤكد حقيقة واحدة ، حقيقة لا تقبل الشك ، لهذا الشعب جيش يحميه.و بالعودة إلى حكاية الجيش و الشعب سنتوقف عند أحد أهم ثمار ثورة يوليو التى منحت الفلاح الأرض بعد أن أغتصبت عام 1520م ، عندما أرسل السلطان العثمانى سليمان القانونى المساحين لحصر الأراضى المصرية وتقسيمها إلى إقطاعيات تؤول ملكيتها له شخصيًا وتوزع على رجالة ومنهم للفلاحين المصريين ، وعين أميرًا للخزانة مهمته الرئيسية حمل خيرات مصر ونقلها إلى الأستانة ، وظل الشعب المصرى صاحب الملك عاملًا فى أرضه ، حتى جاء ضباط جيشه ليعيدوا الأمور إلى نصابها و يعود الفلاح إلى أرضه ، لتبقى مصر و يبقى جيشها الوطنى صمام الأمان لشعبها ، وهى دى حكاية جيش و شعب.
مشاركة :