زخارف الأرابيسك والعمارة الإسلامية: تكاد تكون زخارف الأرابيسك عبارة عن أشكال نباتية أو هندسية ليست لها بداية أو نهاية لزخرفة الأبواب والشبابيك والمشربيات والمقاعد وغيرها من التحف الثابتة والمنقولة على اعتبار أن فن الأرابيسك ابتكار إسلامي للمعمار. والفنان المسلم قد وصف هذا النوع من الفن بأنه لغة للفن الإسلامي. وتقوم هذه الزخرفة البديعة في أشكال الحيطان للمساجد والقصور والقباب والواجهات والمداخل في صورة أشكال هندسية أو نباتية جميلة تبعث في النفوس الراحة والاطمئنان والانشراح. وقد سمي هذا الفن الزخرفي الإسلامي في أوروبا باسم «الأرابيسك أو الرقش أو التوريق» حيث عرف في فرنسا بالأرابيسك (ARABESQUE) وفي إسبانيا والبرتغال باسم التوريق (ATAURIQUE) واصلها وريقات نباتية ! وقد ابتكر الفنان المسلم أشكال وحدات زخرفية هندسية ونباتية كتوريقات وكتابات وذلك لكراهيته للفراغ في المساحات تجنبًا للبعد عن رسوم الكائنات الحية والحيوانية التي تنافي الفكر الإسلامي وتخالف العقيدة والمنهج السوي في المساحات الزخرفية، واتباع الأرابيسك في فتحات الأبواب والنوافذ والشبابيك لتعمل على تلطيف درجة الحرارة وتجديد التهوية وتساعد على الإضاءة بصورة مشربيات أو مشرفيات في مختلف المنازل خاصة في قاعات الحرملك ليسمح للسيدات رؤية الأشياء من الخارج من دون أن يراهن أحد من الخارج وكانت الاستخدامات للنساء المتابعة ورؤية الاحتفال. نشاطات عالم المسلم الرحيب الفني: لقد استوعبت الحضارة الإسلامية العديد من الثقافات الخاصة بالأمم والشعوب الأخرى التي دخلت الدين «الإسلامي» وكانت هذه الثقافات عامل تنوع وثراء كبير للفنون الإسلامية التي شكلت مهمات خاصة ومستقبلاً عن فنون الحضارات الأخرى بسلاسة من دون تحيز. ولم تكن هذه الفنون التي تعد ميراث الأمم الأخرى والشعوب لتنصهر داخل بوتقة الفن الإسلامي إلا بعد تشتيت أشكالها وبرزت شخصيتها الجمالية بما يتفق مع الدين الإسلامي وتتسق مع تعاليمه الدينية السمحاء. وهذا يعني أن المنهج الفكري للعقيدة الإسلامية كان له بصماته الواضحة على فلسفة الفن الإسلامي وأشكاله ومضامينه الجلية القويمة. ولم يكن لهذا الفن أن يبقى كمظهر من مظاهر الترف الذي ينعزل منه عن الحياة اليومية للإنسان المسلم بل تعيد عن كل مقتنياته اليومية واستعمالاته فما بين المنبر والمحراب والعمارة والمخطوط والقماش والنسيج والأبواب والزجاج والأواني المعدنية على حد سواء. لقد بدأ الفن الإسلامي فترة واخذا تطبيقه ليؤدي منافع شتى ووظائف عديدة تدخل في صميم الحياة اليومية للإنسان المسلم كما يذكر الأستاذ الدكتور إياد حسين عبدالله في بحثه عن الأرابيسك والفن والعمارة والزخرفة! الفن الإسلامي رؤية مشتركة: لقد اعتاد الفن الإسلامي رؤية مشتركة مع الفن الإغريقي يومًا بالعلاقة القائمة بين الجمال والحق والخير التي تحتسب فيه رؤية للإنسان المسلم للجمال ومعناه، ولعل ابرز ما ذاع صيته في عالم الفنون الإسلامية ما يدعى بنموذج الارابيسك ومن الطريف والمستغرب ان هذه التسمية لا يوجد لها بالعربية مرادفًا دقيقًا وشائع الاستعمال ويعتمد من قبل الدارسين العرب والمتخصصين في الفن في الوقت الذي فيه لغات أجنبية أخرى كالألمانية والانجليزية والفرنسية تشتمل على أهم عنصر من عناصر الفن الإسلامي إن لم يكن أهمها على الإطلاق وأكثرها تعبيرًا استعمالاً لأداء المعنى هو «النوشيح» الذي استعمله الدكتور أحمد فكري في كتابه مساجد القاهرة ومدارسها، وكذلك مصطلح (الرقش العربي) والذي استعمله الدكتور عفيف بهنسي في معجمه وآخرون سواه إلى جانب لفظة الأرابيسك والتوريق والتشجير والنبلة. كما ظهر حديثًا لفظ جديد على قياس جذر عربي يدعى (العربسة) الذي استعمله الشاعر صلاح استيتية في مقال له عن الصورة والإسلام الذي نشر في مجلة فنون عربية عام 1982م بالعدد السادس في الماضي. لفظة الأرابيسك والفنون الإسلامية الأخرى: وقد تكون لفظة الارابيسك قد وصفت قبل الاصطلاح العميق والشامل عن الفنون الإسلامية وعدم وجود مرادف لها بالعربية ولا يمكن لفقر اللغة، ولو كان بالإمكان وضع التسمية العربية تؤدي كل المعاني التي يورد في اللغات الأجنبية الأخرى، كما تأخر الفنانون المسلمون واللغويون العرب عن ذلك التداول الأوسع بكثير أن نعرفه لفظة أخرى. ولا يزال الحرفيون في المغرب العربي يطلقون لفظة التوريق والتشجير على الزخارف النباتية، وكذلك لفظة التسطير على الزخارف الهندسية ولديهم تسمية لكل نوع منها، ولا يحتفظون برسوم لها يتوارثونها مع أسرار المهنة فهناك النجوم المتعددة الأنواع والأشكال ولكل منها تعريف خاص يرتبط بتكوينها الهندسي مثل «المثمن والستعشرية المكاني» وعين الشمس وغيرها. تسميات مختلفة للفنون الزخرفية: لقد أطلق على فن الارابيسك مسميات في بعض الدول العربية والإسلامية وقد تكون التسميات محلية أو غيرها بالعامية في كثير من الأحيان. ولا تقف تلك التسميات عند الشكل بل تتعداه إلى صفاء العناصر الزخرفية والتصميمية والتوريقية مثل لفظ الظفرة – والصنوبرة – والجفت – والخيزرانة – والمجرة – والعقدة – والشمعة – والمروحة – والخرسانة – والحنش – والقلب – والشريط المفتول – والبلوطة – والسنبلة – والصدفة – والمحارة – والضفيرة إلى غير ذلك من الأشكال والألفاظ! مع كثرة التسميات والمصطلحات أصبح من الصعب البحث عن أشكالها الحقيقية في الزخارف والرسومات لأنها أطلعت بشكل عربي وإن تشابهت التسميات في الأشكال الهندسية. فالتوريق أكثر بعدًا عن الأصل والتسمية قد لا تكون إلا اصطلاحًا مهنيا وقد تستخدم لدى عدد كبير من المجتمعات. الهوامش: فنون الأرابيسك وتنوعها: الأستاذ الدكتور إياد حسين عبدالله – فن الأرابيسك ومميزاته: أبحاث عدد من الباحثين المسلمين، الأرابيسك فن هندسي إسلامي قديم: شيرين رمضان – القاهرة، الأرابيسك فن وهندسة: الأستاذة بسمة علي – القاهرة.
مشاركة :