من وحي الإسلام: الفنون الإسلامية: فن الأرابيسك والزخارف الإسلامية (9)

  • 2/16/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

* مفاهيم الأرابيسك في العهد القديم: إذا أردنا البحث عن المصادر الأساسية لفن الأرابيسك لدى بعض الدارسين للفنون الإسلامية فإنهم يعيدون كل عنصر من عناصر الأرابيسك إلى مصدر معين فالمربع والمسدس والمثمن وكل المضلعات هو إلى العقيدة الكوكبية السومرية من بلاد الرافدين وتدل في الديانات القديمة على معان محددة وترمز إلى مفاهيم ترتبط بعناصر الحياة، فالمربع أساس لكل المضلعات المعقدة وكانت ترمز إلى الأرض وحركتها وعلى محور التقاء الخطوط وزواياها تتشكل كل المضلعات وتتفرع منها كل النجوم وكلما ازدادت سرعة الدوران اقتربنا من الدائرة كرمز الدوام والسماء والاستمرارية. وقد وجد آخرون أن أصول الفنون الإسلامية تظهر أساسا من الزهور الشبيهة للساسانية وفي عنصر الزخرفة المجردة وفي الألبسة القبطية والرموز اليعقوبية والخطوط المسمارية، وكذلك النقوش الفرعونية والألوان الهلينسية. أما النماذج الحلزونية والخطوط اللولبية فيقول البعض إن مصدرها شجرة العنب السحيقة القدم وأوراق العنب في زخارف «سومر» العراقية واليونان وفنون الإغريق! * مصادر الأرابيسك في العديد من الحضارات: ومهما عددنا فإن مصادر الأرابيسك أكثر من أن تعد أو تحصى في العديد من الحضارات القديمة والديانات والمجتمعات وخلاصة ذلك هو مركب من تلك الحضارات والمعتقدات والفنون من إطار جديد ومفهوم بديع متميز. ولقد نشأ الفن الإسلامي وتطور في أرض الحضارات القديمة المتباينة، ووجد إرثا كبيرًا استند عليه فكان له دور مهم أسهم إلى حد كبير في سرعة تطوره وأتاح له المناخ الملائم ليتبوأ المكانة المرموقة بين فنون الحضارات المختلفة والإنسانية في عالم التزيين. * فن الأرابيسك والخامات المتقدمة: لم يتوقف فن الأرابيسك عن التطور والنمو عند حدود معيّنة وإنما دخلت الخامات المتقدمة والمعالجات المتنوعة فكان يتصدر المكان البارز في العمارة والمخطوطات والأثاث والزجاج والخزف والأخشاب والمنابر والمحاريب والمنسوجات والعديد من الأدوات والمعدات التي كان يستخدمها الإنسان منذ قديم الزمان وتباين الأوقات في الصناعة. وأما هذا التنوع والثراء الهائل للأرابيسك برز تأثيره في العديد من فنون الحضارات الأخرى، فقد نقل فن الأرابيسك إلى إيطاليا وظهر في فن الفنان المبدع «فرانشيسكو ديبلا غرينو» الذي ظهر في العديد من نماذج قصر «فانتانبلو» ورواق الأمير فرانسوا الأول كما ذكر الأستاذ الكسندر بابا دبولو في كتابه المؤلف عن فنون الأرابيسك آنذاك. * فن الأرابيسك ينتقل إلى مناطق أخرى: لقد كان للفنان «هانزهولبين الابن» والفنان بيتر فلنتز الدور المهم لفن الأرابيسك قي انتقاله إلى ألمانيا، وكان من نتائج التأثيرات أن وصل الفن البديع إلى أبواب الكنائس والمذابح المقدسة وصورة القديسين والسيد المسيح عليه السلام ورداء وتتويج الأباطرة والملوك وواجهات القصور في «ولاية بافاريا» وأنسجة الملابس والمفروشات الفخمة والأروقة. ولعل العديد من نماذج الفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي كانت تستمد جمالها من روحية الأرابيسك ومن تأثيراته في العديد من أعماله وأعمال فناني مختلف دول أوروبا. ولقد كان فن الأرابيسك يمثل قيمًا تجريدية راقية على مستوى العناصر الفنية في الخط واللون والمساحة والنسبة والحركة والإيقاع والاتجاه فاكتسب مختلف المقومات من الفن الجميل والتطبيق، ولم يكن ذلك عزوف الفنان المسلم عن تصور الأشخاص الذي متاح الاعتقاد بتجريمة أو الشكوك بقيمته بل جاءت فكرة الأرابيسك لتوصل فكرة التجريد في ذهن الفنان المسلم بعفوية وإدراك جعلته يبتكر وبمفارقة عجيبة عنصري التجريد والحركة فنا حركيا يدرك قيمة الوعي الرياضي في الفن الإسلامي على كل منتجات الفن الإسلامي وأدواته. ولعل من أبرز الفنون فن العمارة الإسلامية التي كانت تجسد السمات الحقيقية وهي هوية مميزة عكست الطابع الديني والفكري للإنسان المسلم وبطبيعة العمارة كانت تضم العديد من الفنون الأخرى كما هو الحال في العمارة اليونانية التي كانت تضم فنون النحت والرسم والخزف والمعادن على الرخام والفخار. كما أن الفنون الإسلامية كانت للعمارة تضم فنون الكتابة والخط والزخرفة وإشغال المعادن وأعمال الحفر على الرخام والحجر والآجر والخشب والزجاج والنقوش على المنسوجات أي أن العمارة كانت ملتقى لكل الفنون الإسلامية وآدابها وقيمها الجمالية والفنية! وبعد كل هذا ليس ببعيد عندما يكتسب الفن الإسلامي كمبنى ذلك البهاء القدسي الذي يحيط به لكل ما تداوله في عمارة المساجد والمدارس والمنشآت الدينية الأخرى من دون استثناء! * الأرابيسك والمنشآت المعمارية: ولا يخفى أن فنون العمارة في كل الحضارات تتأثر ببعض تارة تأثرًا بالأبراج والأقواس وكذلك الأبواب والمداخل. ولكن هذه المفردات والعناصر اكتسبت خصائص مميزة في العمارة الإسلامية، ولم تعد تشكل فنًا جميلاً فحسب، وإنما تحولت إلى فن تطبيقي يقصد منه الجمال والوظيفة في أفضل مستوياتها، وأن المفردات تكون إبراز الخصوصية الجمالية والفكرية على المستوى الإنساني والفني والجمالي على حد التعبير. ولقد حقق الأرابيسك معالجة فعالة في مجال تقليل الضوء باستخدام المشربية أو الروشان أو الشناشيل وكذلك عن طريق نوافذ الزجاج المعشق بالجص كان يشكل أحد مظاهر العمارة الإسلامية التي جاءت متوافقة مع الظروف المختلفة للمجتمع الإسلامي. (الهوامش: فنون الأرابيسك وتنوعها: الأستاذ الدكتور إياد حسين عبدالله، فن الأرابيسك ومميزاته: أبحاث متعددة من قبل الباحثين الإسلاميين، الأرابيسك فن هندسي إسلامي قديم: الأستاذة شيرين رمضان، فن الأرابيسك فن وهندسة الأستاذة بسمة على – القاهرة).

مشاركة :