اجتهاد الفنان المسلم للمزاوجة بين الزخارف: لقد اجتهد الفنان المسلم في شيء من المزاوجة بين الزخارف المتباينة والملونة والحفاظ على أنواعها المتفردة لإنتاج أعمال فنية هائلة تعددت استخداماتها في العمارة والمخطوطات وعلى أنواع القماش والنسيج والزجاج وتشكيلاته ومختلف المواد المصنوعة، وكان لكل واحد على ما نظن خصائصه الفنية والجمالية وطرق تقنيته حيث يتطلب منه الدراية. وليس بالضرورة أن تكون النوعيات السابقة مستقلة عن بعضها، فإننا غالبًا ما نجد أعمالا فنية إسلامية تضم أنواع الزخارف حيث تتشابك وتتعانق وتتقابل وتتماثل عناصرها بتناسق عجيب يقل في تناظره حتى لم يعد الرائي والصانع التمييز بدايته ونهايته في الاختيار والتصنيف بين أنواعها في أي وقت! التمايز بين الخطوط والفضاءات للزخارف: غالبًا ما نجد الفنان المسلم الصانع انتهى عند حدود المساحة أما المشاهد فإنه يستمر في خياله الفني في البحث والدوران بين الشموس والنجوم وحركة الأغصان والعناصر الرقشية التي طالما تستمر ولا تنتهي، فتارة يجول مع الخطوط، وتارة أخرى يسكن عند الفضاءات التي تحيط بها الخطوط أو تتشكل عليها المساحات. ولا ريب أن الأقوام التي دخلت الإسلام تمتلك العديد من المفردات الفنية والجمالية التي تمثل إرثها الحضاري والتاريخي والفني ولكن دخول الفنانين في الإسلام هذب تلك الأشكال والرموز والأشياء في إطار الفن الرائع الإسلامي الذي برزت شخصيته العميقة. وفي الوقت نفسه لم تلغ شيئًا من الخصوصية الجمالية للأمم والشعوب وإن كان من المتفق أن الفن الإسلامي المنضوي تحت الحضارة العربية ألغت الكثير من الحدود المكانية والزمانية لجعل الفن يتسم بالطابع الفكري للإسلام لا يحده الزمان والمكان، وعلى سبيل المثال قد نجد يومًا بابًا خشبيا من العصر الفاطمي يحتوي على حشوات زخرفية تتكرر ذاتها في باب آخر من العصر العثماني وهكذا. النسب الذهنية تتكرر أحيانًا: هناك العديد من النسب الذهنية قد تتكرر في العمارة الإسلامية مع اختلاف المكان والزمان، وهذا ما يؤكد وحدة الذهنية الفكرية على اعتبار وحدانية الفكر لمصدر التشريعية في ظل العقيدة الفكرية ووحدة المنطلقات للفن لأسباب وحدة المصادر والعناصر الأساسية مع اختلاف الأشكال والنتائج وهنا يقود إلى فن الوحدة بالتنوع. فن الأرابيسك حروف وكلمات: إن الأرابيسك في الواقع عبارة عن حروف وكلمات، وتشكيلات نباتية وهندسية تركز الأنماط الفنية والزخارف الإسلامية بعيدًا عن تشخيص الأرواح والتماثيل المحرمة التي تنافي العقيدة. إن الحرفيين المهرة قد أبدعوا في التعامل مع فنيات الأرابيسك بكل دقة وحذاقة حيث تفوقوا في صياغة معالمها ونقوشها التي نجدها حاضرة كثيرًا في قطع الديكور الداخلي وقد شكلت بالجدران والأسقف والمجالس والأثاث والأبواب والشبابيك وعبر طيات الزمن الماضي حفل هذا النوع من الفنون المعمارية بالصور والمشاهد التي أثرته وحفظت وجوده بالروعة. فن الأرابيسك يهواه الكثيرون: عندما نتحدث عن فنون العمارة نجد من وقت إلى آخر أن الأرابيسك قد يهواه الكثيرون من اقتناء التصاميم الشرقية لهذا الفن الزخرفي المنمق الذي انتقل على أيدي الحرفيين العرب والمسلمين من مصر والشام واسطنبول والعراق في القرن التاسع عشر الميلادي في تزيين القصور الملكية. وقد شهدت الحقبة السلجوقية في المنطقة العربية ازدهارًا كثيرًا لفنون الأرابيسك والزخارف الإسلامية فتطور على أثره هذا الفن وتمدد اتساعه واستخدمت فيه كثير من الخامات المختلفة. روعة الفنون الإسلامية: يقال إن فن الأرابيسك من روائع الفنون الإسلامية بأشكالها المتنوعة وأسلوب أشكالها وانسجامها وتوافقها مع البيئات الحضارية والعربية كما يعبر في أنماطها عن الطبيعة والثقافة والأمكنة التي تم صنعها فيها.. وهذا لمستوى الطبقات الاجتماعية التي تقدر الفن الرفيع وإن كانت تزين هذه الفنون الردهات وقاعات القصور والأروقة والواجهات والمداخل ومقاصير الحريم. ونهاية الأمر، أن الأرابيسك له عشاقه الذين يفضلون أن تطعم ديكوراتهم الداخلية من خلال عمل زوايا مشغولة بالزخارف والنقوش والزخارف الفنية والثرية والمنحوتات الفنية فتمنح الأمكنة إطلالة فنية عبقة بالفن الشرقي وتزين شتى القاعات بالنقوش الزاهية الرائعة وقليل من الحرفيين هم الذين يجيدون هذا النوع من المهن التي مرت مع الزمن تراثا عبقريا ولمسة من لمسات الجودة والكمال ولا ريب أن الفن في واقعه إحساس وجمال تدل على بصمات الحرفيين وبراعتهم. (الهوامش: أعمال الزخرفة والأرابيسك وميزاتها: الأستاذ الدكتور إياد حسين عبدالله، فن الأرابيسك قديم وبالغ: الأستاذة شيرين رمضان، مميزات الأرابيسك الإسلامي: الأستاذة بسمة علي-القاهرة، الأرابيسك فن إسلامي قديم عاتكة البوريني – القاهرة).
مشاركة :