صباح الحرف (غسل الأيدي)

  • 4/27/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في أمثال المحكية السعودية يقولون «اغسل يدك منه» أو فلان غاسل يدي منه، ويضرب للشخص أو الشيء في حال اليأس منه، وهو غالباً كناية عن الفراق أو الترك التام، وأذكر في هذا المقام قول الشاعر محمد بن فطيس: غاسلٍ كفـي مـن مصافحـة بعـض اليديـن وقافـلٍ بوجيـه أهلهـا صنـاديـق البـريـد وشايفٍ شيٍ لـي أعـوام ما لـي فيـه عيـن وقاطـعٍ خيـط الهقـاوي بسكـيـن الوكـيـد للمرة الأولى أعرف أن هناك يوماً عالمياً لـ «غسل اليدين» أو «نظافة الأيدي»، وهو يوم ابتدأ عالمياً منذ العام ٢٠٠٨ بانطلاقة قوية شملت ١٢٠ مليون طفل في ٧٠ دولة حول العالم قاموا بغسل أيديهم بالماء والصابون. جهلي وجهل أي مسلم ملتزم بالصلاة بهذا اليوم منطقي ومبرر؛ فنحن نغسل أيدينا خمس مرات في اليوم عندما نبدأ الوضوء وهذا من نعم الله علينا، ويشاركنا في ذلك أي إنسان نظيف حتى لو لم يكن مسلماً. هذا اليوم يحل في الخامس من أيار (مايو) المقبل، والأغنية الرسمية المختارة لهذا العام عنوانها: «إنه في يديك أن تنقذ حياة» أو هكذا فهمت، وهي تقول كلاماً جميلاً بموسيقى رائعة حول أن كل شيء تقريباً بيديك اللتين تفعلان أكثر من التصفيق، لأن اليدين تستطيعان أن تقتلا إلى آخر الأغنية التي تحث على نظافة الأيدي كمفتاح للصحة والوقاية والحماية من العدوى والأمراض، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالأطباء وكوادرهم الصحية، وخصوصاً هذه من عندي. التوعية بأغنية «رسمية» وموسيقى رائقة رقي إنساني يدخل ضمن القوى الناعمة التي نفتقدها عربياً، فمثل هذه الأغنية يمكن أن تكون بأكثر من لغة، ويمكن للمبدعين الشباب العرب تعريبها أو إبداع شيء مماثل بهذه المناسبة، وبالمناسبة فإن من لا يؤثر فيه الغناء الراقي «اغسل يدك منه». أعجبتني فكرة هذا اليوم، ولم أستطع مقاومة فكرة أن يجعله الإنسان يوماً لغسل يديه على طريقة المثل الشعبي السعودي أعلاه – أتوقع له مقابلاً في ثقافات كثيرة خصوصاً الشرقي منها-، فتضع قائمة مما تود أن تتخلص منه تخلصك من البكتيريا الضارة أو الفايروسات أو حتى آثار لمس أصابعك شبه المستمر للشاشات الذكية ولوحات المفاتيح! في السعودية «غسلنا أيدينا» من أشياء كثيرة، بدءاً بدول وحكومات – وليس بالضرورة الشعوب المغلوبة على أمرها – وليس انتهاء بأفكار تنموية واجتماعية متكلسة، ويبقى أن نرى أثر هذه «النظافة» في الحاضر والمستقبل، وهذا ما نسأل الله أن يحدث بإذنه وتوفيقه. غسل الأيدي بطريقة المثل السعودي أعلاه يمكن أن يكون أيضاً بمثابة غسل العقل من الهواجس والأفكار المقلقة والمزعجة، وهي قدرة أغبط من يستطيع فعلها بسهولة، وهم قلة، حتى لو ادّعى الكثيرون قدرتهم على ذلك. بقي أنك تضطر أحياناً لـ «غسل يدك» من شيء تريده، وهو ليس ضاراً في ذاته، لكن الحياة تسخر منك، وتضعك أمام خيارات صعبة، أو ربما تختبرك وتبثك رسائل معينة، لا بأس، ربما اضطرارك لغسل يدك منه أفضل كثيراً من فقد يدك كلها، أو تشويه ذاتك بما لا يليق، أو لا يحتمل.

مشاركة :