يبدو أن الوضع أصبح أكثر جدية من السابق وأن القرارات التي اتخذتها الدولة خلال الفترة القليلة الماضية وما سبقها من قرارات منذ سنوات سوف تؤتي ثمارها، هذه القرارات ستنعكس على جميع الأنشطة الاقتصادية إيجابيا بما فيها ملف الإسكان الذي توليه الدولة اهتماما خاصا وتعمل على تمكين المواطنين من التملك بشتى الطرق، وهذا الملف الشائك لا يمكن تجاوزه بسهولة فهناك إصلاحات تحتاج إلى خمس وعشر سنوات، وأكثر لكي تظهر نتائجها. فيما يتعلق بقضية الإسكان فالوضع معقد ومتشابك وليس سهلا كما يتوقع البعض، فمشكلة شريحة كبيرة من المواطنين تكمن في عدم تملكهم لأرض أو سكن وغالبيتهم ممن فقدوا الأمل في التملك ذاتيا، وجزء كبير منهم سيعتمد على الدولة كليا وفريق سيعتمد على الدولة جزئيا والبقية سيعتمدون على أنفسهم وستدعمهم أي قرارات إصلاحية تسهل تملكهم. المشكلة بدء العمل على احتوائها قبل ثمان سنوات عند إنشاء هيئة الإسكان ثم تحويلها إلى وزارة بعد أربع سنوات بعد توقف المنح وعدم تطوير الأراضي الممنوحة سابقا مع شح في توفر الأراضي السكنية المطروحة للتطوير والتي يمكن تداولها واقتصار العمل في السوق العقاري على المضاربات دون الاهتمام بالتطوير من قبل القطاع الخاص، رافقها تأخر إنجاز مشاريع الإسكان التي أقرتها الدولة وعددها 500 ألف وحدة سكنية، إلى أن أصبح الوضع معقدا وارتفعت الأسعار إلى أرقام فلكية تتجاوز القدرة الشرائية للمواطن بمراحل. حرص الدولة الجاد لحل مشكلة الإسكان ظاهر ومعلن للجميع ويجب أن نعي بأنه نابع من مسؤولية ولاة الأمر في السعي لتحقيق رفاهية المواطن أينما كان، وإن كان هناك بعض التقصير من بعض المسؤولين الذين أوكلت لهم مسؤولية متابعة تنفيذ القرارات وتحقيق الأهداف الموكلة لهم فمن المتوقع أن يتم تلافي ذلك خلال الفترة القادمة وجميع المؤشرات تدل على ذلك. نتائج قرارات الإصلاح التي صدرت مؤخرا ستحقق أهدافها على المدى المنظور والبعيد بإذن الله وسيستفيد منها الجيل الحالي، والقادم وسوف تؤسس لقاعدة متينة من العمل المؤسسي والمنظم في قطاعات الدولة، وهذا سيدفع القطاع الخاص للقيام بدوره المفترض كرافد للتنمية جنبا إلى جنب مع الدولة. بقي أن أقول أن السوق العقاري يختلف عن أي سوق آخر، فهو مصدر لتدوير رأس المال وفيه تضخ مئات المليارات من الريالات كاستثمارات وتداول من مؤسسات وأفراد وهو من أهم ركائز الاقتصاد الوطني، ولا يجب الجزم بانهياره تماما كما يعتقد البعض فمعظم استثمارات المؤسسات الحكومية والشركات والبنوك ورجال الأعمال والأفراد هي في استثمارات عقارية متنوعة وهي بمئات المليارات. إذا استمرت الإصلاحات والقرارات التي تنظم القطاع العقاري وتدعم الاستثمار فيه، وهذا هو الملاحظ حاليا، فسوف يبدأ السوق العقاري مرحلة من التصحيح تدريجيا إلى أن يصل إلى مرحلة التوازن.
مشاركة :