غدا يبدأ موسم الطائف، احد المواسم السعودية الـ11 التي تنوعت بين الازمنة والامكنة لتشكل سابقة اقليمية، حركت العجلة السياحية، او فلنقل انها «زيتت» هذه العجلة لتسير بسلاسلة افتقدتها لفترة من الزمن. تجتمع في المواسم السعودية الثقافة والرياضة والترفيه في مزيج ربما لم يتجانس تماما على طريقة الكيميائيين، لكنه لا يتنافر على طريقة الفيزيائيين، ويمكن بحسابات أكثر دقة وموضوعية ان «تتفاضل» هذه المجالات في هذه المواسم لتحقق «التكامل» على طريقة اهل الرياضيات. سيكون موسم الطائف اكثر حظا بسبب التوقيت، فهو ستتخلله اجازة عيد الاضحى المبارك، وهذا محفز كبير، وهو ايضا سيحظى بجمهور اضافي عدده ضخم جدا من الحجاج الذين اعتادوا المرور بالطائف قبل وبعد اداء الفريضة، خاصة حجاج البر القادمين من الخليج وبعض مناطق المملكة. يعرف بعض قرائي وكل اصدقائي اني ولدت ونشأت في هذه المدينة، واعتبر نفسي أكثر حظا لاني سأصادف الموسم خلال اجازة العيد «القصيرة»، وسيصدف ان تكون شهادتي في الطائف «مجروحة»، لكنها ربما لا تنزف الا ماء الرمان والعنب، ولا تضوع منها الا رائحة الورد. أحسب ان هذه المواسم، ومنها هذا الموسم ستكون سوانح لبعض المدن لتعديل مسارها التنموي، خاصة فيما يتعلق بالسياحة، واذا اخذت الطائف كمثال فان البنية التحتية لاقامة صناعة سياحة واعدة تعتبر ضعيفة نسبيا، وهي وان كانت في طريقها للتعديل والتحسن تحتاج الى تسريع لتكون المواسم المقبلة اكثر نجاحا. الطائف مدينة في ذاكرة نصف العسكريين السعوديين من الدفعات الأولى الذين مروا بها، وثلث الشعراء الذي تغنوا بها، او الهمتهم غناء وحداء للمحبوبة والبيد والوطن والشجن، وربما ربع السياسيين في العالمين العربي والاسلامي الذين حضروا فيها مؤتمرات وفاقهم، او لقاءات اخوتهم، او حتى سكنوها ابان ازمات او ظروف عابرة، وهي من قبل ومن بعد جزء من ذاكرة مكة المكرمة التي ارتبطت بها كـ «أخت كبرى». الطائف في ذاكرة «الوجل» من ثقافة الآخر قبل الانصهار معها، وذاكرة «الخجل» في نظرات العشاق، والأمل في اشعارهم، لها جبروت جبل، ورقة بستان، ورائحة مطر تضوع في ارواح السعوديين والمقيمين والزوار. هو موسم به بادئة النهوض بالسياحة في المدينة مجددا، ووقوعه في شهر آب «اغسطس» ذكاء يحسب لمن وضع جدول المواسم ففي هذا الشهر تدرك شيئا من التين الشوكي «البرشومي»، والرمان، والعنب، الثلاثة التي لا يمكن ان تذوق مثلها الا في هذه الأرض، وبضع فواكه اخرى تنحسر عاما بعد عام في مواجهة الاسمنت، وعلامات الاستفهام الاقتصادية والاجتماعية التي تولدها الاوضاع الزراعية هناك. مرحبا بكم في كل مواسم السعودية، تلك الفكرة العصرية الواقعية، ومرحبا بكم «تراحيب المطر» في موسم الطائف، الذي استميحكم «حبا» ان اعتبره بالنسبة لي وبعض احبتي «موسم العمر» الذي بدأ هناك، ويحن دوما الى هناك. mohamdalyami@gmail.com
مشاركة :