غيابك لا يعني انشغالك، بل تدريب الآخر على الاستغناء عنك، على أن يعتاد العيش وحده.الافتقاد شعور إنساني ينم على الاحتياج، ولذلك كثيرًا ما تعتري أحدهم الصدمة حينما يتحسس اختفاء الآخر من المشهد، ولكن مع تكرار تلك المواقف يبدأ ذلك الشعور بالتضاءل، لا بل ينقلب في كثير من الأحيان إلى قسوة، فيغزو ملامحه الجمود كلما توالت على ذاكرته أوقات ضعفه التي كان يتفقد فيها عن ذلك الشخص -الذي كان يزعم أنه سيكون أول الحاضرين - فلا يجده بين الزحام.الغياب كأس لا يتجرعها من كان يشعر بالوحشة و لافتقاد، إنما ذلك الذي سينتابه - في وقت لاحق - شعور بأنه لم يعد مرغوبًا، وصار وجوده والعدم سواء بالنسبة للآخر، وأن حضوره لم يعد يلفت، لأنه - ببساطة - متأخرًا عن موعده، لذا أصبح باهتًا لا جدوى منه ولا فائدة.
مشاركة :