د. هادي التونسي يكتب: بعض النساء

  • 4/22/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يتعلمن منذ الطفولة أن الجمال رأس المال ، أن هناك أبًا يحمى ويدلل ، وأن هناك أمًا تحذر وتمتثل ، وأن هناك أخًا مزهوًا بقوته وسطوته ، يعيش عالمًا رائعًا فتيًا مثيرًا وجريئًا ، لاتحكمه تلك القيود والمخاوف ، يرقبنه بإعجاب وربما حسد ، فلا يملكن أكثر من الحلم والتعلق والإعجاب بعالم السوبرمان الحافل بالإثارة والمغامرة  والانطلاق ؛ عالم الرجال ولما لا ؟  ، فكل الأنبياء والزعماء والفلاسفة  والحكماء ورجال الدين ذكور ، والأسهل أن يعتنين بالدور المرسوم  ؛ قطعة الشوكولاته حسنة التغليف فى فاترينة العرض  .-   تجيء فترة المراهقة بآلام وأحمال ، وتحديات ومخاوف ، هشاشة تستدعى الحذر والدفاع  ، جاذبية مثيرة وخطرة ، تزداد مؤقتًا لتخفت تدريجيًا مع الأيام ، يعتريهن القلق فرأس المال يتطاير  ، والمنافسة حادة وشرسة  ،والحياة حافلة بالأخطار والخديعة ، إنسانيتهن تتواري خلف الجمال والجسد ؛ السلعتان الأكثر مبيعًا  . الجوع للفهم والتقدير  والحب والأمان يدفعهن للانجراف وراء عبارات الإعجاب اللاهثة من أحباب وشركاء طامعين ، لا يحفلون بمبادئ وعدالة ، ولا يرون الجوهر ، غير جديرين بالثقة ولا يتصورون إلا الزهو والسيطرة .-   المنافسة تشعر بعض النساء بالخوف وضعف الثقة فيتفنن في التزين والتظاهر  ، الرغبة فى امتلاك الأمان والخشية من الزمن وذهاب الجمال فى عالم القوة والسطحية تدفعهن للتنازل أمام رجال جائعين للسيطرة والجنس والتفاخر  ، رجال يمتلكون المال ويوفرون الحماية  ويمنحوهن الأطفال  ، ويشعروهن بأنهن مختارات  ؛ حتى لو كان الاختيار لمجرد المظهر  ، وحتى لو كان تملكًا  دون حب  ، وحتى لو كان سيطرة دون احترام وكرامة  ، وحتى لو تنافت المساواة وأصبح دور المرأة ثانويًا ساندًا أو خادمًا مطيعًا وخانعًا ؛ فإنسانيتها تتواري خلف الاحتياج والأمر الواقع ، وكرامتها تشترى بالأمان المادي والزوجي والجسدي  ، وكلمات الغزل الخادعة تخدر الحاجة للحب ، وتؤمن مؤقتًا من الخوف من الوحدة والهجر ، والموهبة تهدر فى خدمة الزوج  والأطفال وراء الاعتماد على شريك واحد قهار.  -   إن عالم بعض النساء هو عالم الجواري ، تباع فيه إنسانية وكرامة وموهبة نساء يتقن إلي الأمان والوفرة ويخشين الوحدة والزمن والمنافسة ، فيقدمن الجمال والجسد فى السوق ، ويفخرن بأنهن مشترات وبأن الأسرة والأب باعوهن للمالك الجديد ، المالك المسيطر الجبار ، يرضينه حتى لا يبيعهن من جديد ويشترى جارية آخرى  ، ويتركهن للحاجة والوحدة والخوف والزمن.-       عالم ظالم، لكن الضحايا ينشدون الظلم، فلا خوف عليهم بل هم راضون.

مشاركة :