يتعلمن منذ الطفولة أن الجمال رأس المال ، أن هناك أبًا يحمى ويدلل ، وأن هناك أمًا تحذر وتمتثل ، وأن هناك أخًا مزهوًا بقوته وسطوته ، يعيش عالمًا رائعًا فتيًا مثيرًا وجريئًا ، لاتحكمه تلك القيود والمخاوف ، يرقبنه بإعجاب وربما حسد ، فلا يملكن أكثر من الحلم والتعلق والإعجاب بعالم السوبرمان الحافل بالإثارة والمغامرة والانطلاق ؛ عالم الرجال ولما لا ؟ ، فكل الأنبياء والزعماء والفلاسفة والحكماء ورجال الدين ذكور ، والأسهل أن يعتنين بالدور المرسوم ؛ قطعة الشوكولاته حسنة التغليف فى فاترينة العرض .- تجيء فترة المراهقة بآلام وأحمال ، وتحديات ومخاوف ، هشاشة تستدعى الحذر والدفاع ، جاذبية مثيرة وخطرة ، تزداد مؤقتًا لتخفت تدريجيًا مع الأيام ، يعتريهن القلق فرأس المال يتطاير ، والمنافسة حادة وشرسة ،والحياة حافلة بالأخطار والخديعة ، إنسانيتهن تتواري خلف الجمال والجسد ؛ السلعتان الأكثر مبيعًا . الجوع للفهم والتقدير والحب والأمان يدفعهن للانجراف وراء عبارات الإعجاب اللاهثة من أحباب وشركاء طامعين ، لا يحفلون بمبادئ وعدالة ، ولا يرون الجوهر ، غير جديرين بالثقة ولا يتصورون إلا الزهو والسيطرة .- المنافسة تشعر بعض النساء بالخوف وضعف الثقة فيتفنن في التزين والتظاهر ، الرغبة فى امتلاك الأمان والخشية من الزمن وذهاب الجمال فى عالم القوة والسطحية تدفعهن للتنازل أمام رجال جائعين للسيطرة والجنس والتفاخر ، رجال يمتلكون المال ويوفرون الحماية ويمنحوهن الأطفال ، ويشعروهن بأنهن مختارات ؛ حتى لو كان الاختيار لمجرد المظهر ، وحتى لو كان تملكًا دون حب ، وحتى لو كان سيطرة دون احترام وكرامة ، وحتى لو تنافت المساواة وأصبح دور المرأة ثانويًا ساندًا أو خادمًا مطيعًا وخانعًا ؛ فإنسانيتها تتواري خلف الاحتياج والأمر الواقع ، وكرامتها تشترى بالأمان المادي والزوجي والجسدي ، وكلمات الغزل الخادعة تخدر الحاجة للحب ، وتؤمن مؤقتًا من الخوف من الوحدة والهجر ، والموهبة تهدر فى خدمة الزوج والأطفال وراء الاعتماد على شريك واحد قهار. - إن عالم بعض النساء هو عالم الجواري ، تباع فيه إنسانية وكرامة وموهبة نساء يتقن إلي الأمان والوفرة ويخشين الوحدة والزمن والمنافسة ، فيقدمن الجمال والجسد فى السوق ، ويفخرن بأنهن مشترات وبأن الأسرة والأب باعوهن للمالك الجديد ، المالك المسيطر الجبار ، يرضينه حتى لا يبيعهن من جديد ويشترى جارية آخرى ، ويتركهن للحاجة والوحدة والخوف والزمن.- عالم ظالم، لكن الضحايا ينشدون الظلم، فلا خوف عليهم بل هم راضون.
مشاركة :