د. هادى التونسي يكتب: بعض الرجال

  • 5/2/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

طفولتهم أوامر ونواهي تارة ، وتدليل وتمليح تارة آخرى . أوامر قد لا يدركون مدى فائدتها ، ونواهي لا يدرون أسبابها . لكنهم أطفال يمتثلون كسبًا للرضا أو خوفًا من العقاب . تدليل ربما وراءه فرحة والدين بطفل جميل ، أو رغبة أيهما في إبهاره بالهدايا  والإطراء كسبًا لمحبته دون جهد أو فهم ومشاركة مسئولة تقربه وتعلمه ، يعاملونه كدمية عجيبة تؤكد ذواتهم حين يفخرون بنوادرها  ، وإن تمرد فله الزجر وسوء الجزاء . فهل شعر ذلك الطفل بالأمان  ؟ وهل فهمنا شعوره وتجاوبنا مع حق احتياجه ؟ وهل احترمنا طفولته وحقوقه وإنسانيته ؟ وهل تواصلنا جميعًا  معه أم أحس لاوعيه أن الوحدة مصيره والمنفعة قانونه .-      بذرة الوحدة تنمو مع الزمن بزيادة التوقعات  ؛ عليه أن يتفوق دراسيًا ويلتزم أخلاقيًا ، ويتماشى مع  الموروث الثقافي والاجتماعي  والديني حتى ولو تظاهرًا ، وأن يمتلك جسمًا قويًا مفتولًا ، أن يفرض نفسه بالقوة بين الأقران  والمنافسين حتى على حساب مبادئ تسبقها المنفعة  ؛ فإما غالب أو مغلوب ، يرى الوحدة مصيرًا والمنفعة قانونًا ، والشطارة الخادعة وسيلة مقبولة ، والعواطف ضعفًا ، والمبادئ راية كلامية ، والإنسانية والحقوق لغة الضحايا والأغبياء ، والزهو والتفاخر والاصطناع تأكيدًا لرجولة يتصورها  .-    بعض الرجال يتربى فى وسط يمجد القوة ويقمع الإنسانية والحقوق ولا يحترم الآخر إلا قياسًا على سطوته وثرائه وسلطته ومكانته  . بعض الرجال يتراوحون بين التجبر والقمع أو الخوف والضياع  . قمع النفس ممارسة أزلية  ، والسيطرة على الغير بديل للتوافق النفسي ، وإلا أصيبوا  بالتوتر والإحباط والانهيار  ، وتولدت المشاكل والصراعات  .-      بعض هؤلاء الرجال يعتبرون الرجولة سطوة  ، لا تحفل بالمنطق والحقوق والإنسانية والاحترام ؛ احترام الذات واحترام الآخر  . هم ضحايا لتربية تمجد القوة وتتناسى الإنسانية  ، ولكنهم يعيدون الكرة  بعد تبادل الأدوار مع زوجاتهم وأطفالهم في حلقة مفرغة  ، تفرخ الوحدة والظلم والشقاء  .-      بعض هؤلاء الرجال حين يمتلك المال والمكانة  والنفوذ يريد أيضًا أن يمتلك زوجة خانعة  ، تؤكد بإعجابها أو خضوعها اختياره النفسي وذكورية فجة لا تستند على آدمية ومبادئ وتوافق واحترام  ، فلا يستطيع أن يمنح كرامة وحنانًا لم يحصل عليهما طفلًا ، ويتحول الى كافل حامى وحيد ، يعتمد عليه الآخرون دون تواصل أنساني يطفئ احتياجه .-     فهل يمكن لبعض النساء أن يتمتعن بمزيد من الكرامة والاحترام والاستقلالية  ؟ وهل يمكن لبعض الرجال أن يكونوا أكثر إنسانية واحترامًا وتوافقًا  ؟ وهل يمكن لنا أن نربى أطفالا  أسوياء  ينعمون  بالحقوق والاحترام والكرامة والتلقائية  والأمان ؟.

مشاركة :