طفولتهم أوامر ونواهي تارة ، وتدليل وتمليح تارة آخرى . أوامر قد لا يدركون مدى فائدتها ، ونواهي لا يدرون أسبابها . لكنهم أطفال يمتثلون كسبًا للرضا أو خوفًا من العقاب . تدليل ربما وراءه فرحة والدين بطفل جميل ، أو رغبة أيهما في إبهاره بالهدايا والإطراء كسبًا لمحبته دون جهد أو فهم ومشاركة مسئولة تقربه وتعلمه ، يعاملونه كدمية عجيبة تؤكد ذواتهم حين يفخرون بنوادرها ، وإن تمرد فله الزجر وسوء الجزاء . فهل شعر ذلك الطفل بالأمان ؟ وهل فهمنا شعوره وتجاوبنا مع حق احتياجه ؟ وهل احترمنا طفولته وحقوقه وإنسانيته ؟ وهل تواصلنا جميعًا معه أم أحس لاوعيه أن الوحدة مصيره والمنفعة قانونه .- بذرة الوحدة تنمو مع الزمن بزيادة التوقعات ؛ عليه أن يتفوق دراسيًا ويلتزم أخلاقيًا ، ويتماشى مع الموروث الثقافي والاجتماعي والديني حتى ولو تظاهرًا ، وأن يمتلك جسمًا قويًا مفتولًا ، أن يفرض نفسه بالقوة بين الأقران والمنافسين حتى على حساب مبادئ تسبقها المنفعة ؛ فإما غالب أو مغلوب ، يرى الوحدة مصيرًا والمنفعة قانونًا ، والشطارة الخادعة وسيلة مقبولة ، والعواطف ضعفًا ، والمبادئ راية كلامية ، والإنسانية والحقوق لغة الضحايا والأغبياء ، والزهو والتفاخر والاصطناع تأكيدًا لرجولة يتصورها .- بعض الرجال يتربى فى وسط يمجد القوة ويقمع الإنسانية والحقوق ولا يحترم الآخر إلا قياسًا على سطوته وثرائه وسلطته ومكانته . بعض الرجال يتراوحون بين التجبر والقمع أو الخوف والضياع . قمع النفس ممارسة أزلية ، والسيطرة على الغير بديل للتوافق النفسي ، وإلا أصيبوا بالتوتر والإحباط والانهيار ، وتولدت المشاكل والصراعات .- بعض هؤلاء الرجال يعتبرون الرجولة سطوة ، لا تحفل بالمنطق والحقوق والإنسانية والاحترام ؛ احترام الذات واحترام الآخر . هم ضحايا لتربية تمجد القوة وتتناسى الإنسانية ، ولكنهم يعيدون الكرة بعد تبادل الأدوار مع زوجاتهم وأطفالهم في حلقة مفرغة ، تفرخ الوحدة والظلم والشقاء .- بعض هؤلاء الرجال حين يمتلك المال والمكانة والنفوذ يريد أيضًا أن يمتلك زوجة خانعة ، تؤكد بإعجابها أو خضوعها اختياره النفسي وذكورية فجة لا تستند على آدمية ومبادئ وتوافق واحترام ، فلا يستطيع أن يمنح كرامة وحنانًا لم يحصل عليهما طفلًا ، ويتحول الى كافل حامى وحيد ، يعتمد عليه الآخرون دون تواصل أنساني يطفئ احتياجه .- فهل يمكن لبعض النساء أن يتمتعن بمزيد من الكرامة والاحترام والاستقلالية ؟ وهل يمكن لبعض الرجال أن يكونوا أكثر إنسانية واحترامًا وتوافقًا ؟ وهل يمكن لنا أن نربى أطفالا أسوياء ينعمون بالحقوق والاحترام والكرامة والتلقائية والأمان ؟.
مشاركة :