أحضرت ورقة وقررت أن أُدون بها عدد الذين أُدِين لهم بالاعتذار. وبعد صمت طويل لم يقطعه سوى صوت تنهيداتي، تناولت القلم وكتبت في منتصف السطر الأول منها: أُدِين بالاعتذار إلى نفسي.لقد تحملتِ الكثير من أجل أن ترضي الجميع، وتغاضيتِ من أجل البقاء، وتناسيتِ مواقف لم يكن مرورها بالهين، وتجاوزتِ كلمات كانت أشبه بالرصاصات التي اخترقت صدرك. صمتِّ في وقت كان من المفترض فيه الصراخ وليس مجرد البوح. سلكتِ دروب الكتمان في وقت يفترض أن تواجهي وتكشري عن أنيابك. تظاهرتِ باللامبالاة في الوقت الذي كان عقلك يعمل كمنبّه ليذكرك بأدق التفاصيل. فقد استعار وجهك البرود وغزا ملامحك عدم الاكتراث، في الوقت الذي كان قلبك يستعمره الضجيج، وروحك تسكنها الفوضى من فرط الخذلان.أعتذر لكِ عن كل مرة كان الانهيار أحد خياراتك، ولكنك آثرتِ الصمود. تحليتِ بالصلابة رغم أن كل ما كان بداخلك هش ويدعو للسقوط. أعتذر لكِ لقاء نجاحك في مواراة الندوب وإصرارك الدائم على ألا تطلعي أحدًا على مواطن ضعفك. أعتذر لكِ عن تأخري في اكتشاف قوة احتمالك ورباطة جأشك، ولقدرتك على التعامل مع كل هذا العبث دون انهزام أو انكسار. أعتذر وإن كان اعتذاري لا يضاهي حجم ما لاقيتِه من متاعب، ولا يليق بِكَم الجراح التي تماثلت للشفاء بفضلك. ولكني أعتذر آملا أن يلقى قبولًا لديكِ، عساه يكون سببًا في تخفيف بعض آلامك. فهو بمثابة التصفيق جزاء المشوار الذي قطعتِه، وامتنانًا لكِ بصنع هذا الإنجاز المتمثل في الحفاظ على اتزانك وبقائك منتصبة حتى تلك اللحظة التي أكتب إليكِ فيها الآن.
مشاركة :