ساحات ملتهبة عدة ونشاط حيوي من الجماعات الاسلامية وعلى رأسهم تنظيم الاخوان المسلمين. لم نكن في الخليج بحاجة لاكتشاف لغز وغطاء الصناديق الخيرية المنتشرة وعناصر الإخوان والجماعات السلفية وهي تسافر لتلك المناطق الساخنة حاملة معها مبالغ مالية كتعبير عن التضامن، وفي ذات الوقت الدخول في معسكرات تدريب للقتال وإعداد جيل شاب لميادين مستقبلية قادمة. هذا الحراك المحموم والمساهمة المستمرة لتنظيم خبر تجارب متلونة وضربات قاسية في الاردن وسوريا ومصر وليبيا وتونس، كان عليه ان يهتم بساحات أوروبية لأهميتها ولكنها فاترة وهادئة، وهي من مسؤولية القيادات التاريخية فيما ساحات ساخنة لتجارب قتالية كانت من نصيب القواعد الشابة للاخوان وكوادرها، والتي سرعان ما تخرج من السجون لتسافر للخارج في مهمات جديدة دعوية وقتالية. منذ منتصف السبعينات حتى الالفية الجديدة كانت دول الخليج مرتعا خصبا وحلقة مهمة للإخوان، بين ساحات شرق آسيا وباكستان وافغانستان مرورًا بدول عربية مهمة كالاردن انتهاء بموريتانيا والسودان والمغرب حتى تركيا ودول البلقان واسيا الوسطى. بعد الفراغ العسكري وانسحاب الاتحاد السوفيتي من افغانستان نشب اقتتال داخلي بين فصائل افغانية دام ما يقرب من خمس سنوات، ولايقاف النزيف الافغاني – الافغاني اسس الملا محمد عمر حركة طالبان عام 1994 وسيطرت على افغانستان منذ 1994-2001. تحول الملا عمر الزعيم المخضرم في افغانستان والذي شهد حروب الامراء الافغان إلى «ايقونة» جديدة بجوار ملصقات بن لادن المطلوب دوليا لدول عدة وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الامريكية، وقد رفض الملا عمر كل المطالب الخارجية بترحيل المجموعات الاسلامية المقاتلة وعلى رأسهم بن لادن معتبرا أنهم ضيوف على افغانستان وتحت حمايته. في هذه الفترة ناقش «الافغان العرب» أهمية تحويل كل الساحات الاسلامية والعربية الى ساحات قتال وعنف وتغيير الانظمة انطلاقًا من قناعتهم بأن كل الساحات الاسلامية اصبحت تحت سيطرة الإخوان والجماعات الجهادية. وأخذ الافغان العرب يغادرون تدريجيا افغانستان ما بين فترتي 1990-1991 لضخ المزاج القتالي «والحماس الثوري !» بين طلبة الجامعات والاحياء الفقيرة في البلدان العربية. اتسعت موجة التفجيرات الطفيفة والثقيلة، في المجمعات أو الفنادق السياحية الكبيرة أو أنفاق المترو في مدريد ولندن وتعقب السياح في الاقصر ونيروبي بهدف تدمير الاقتصاد، المهم هو ملاحقة وتدمير الوجود الاجنبي في بلاد الاسلام. بدت الاستخبارات الامريكية وغيرها من الحلفاء تدرك خطورة الارهاب الدولي وإتساع نطاق ظاهرة الاسلام السياسي وفلتت بعض خيوطه وتكتيك خلاياه النائمة من مراقبتها وقبضتها الامنية، غير أن تركيز المخابرات حتى هذه المرحلة كان مسلطًا على الجماعات الاسلامية المتشددة الجهادية، معتبرين تنظيم كالاخوان ليس إلا تنظيمًا معتدلاً داخل التيارات الاسلامية المتنوعة، وبالإمكان ترويضه والتفاهم معه واستخدامه من خلال مشاركته في اللعبة السياسية النيابية وغير النيابية، وبذلك يتم ترويض النمر داخل القفص وخارجه. استوعب الاخوان اللعبة وهضموا كيفية ابتلاع الطعم بطريقة واعية وبراغماتية وليس مهم مسألة كيفية تفسير الشرع لمسألة سياسية ما تستجد على الساحات العالمية المتنوعة. فكيف وجدنا موقف تنظيم الاخوان المسلمين في الكويت في التعاطي مع حالة غزو صدام للكويت في بداية التسعينات ؟ وما هو رأي تنظيم الاخوان المسلمين الدولي من الغزو؟. نلتقي بتلك المواقف المخادعة والمقنّعة كما جاء في صحيفة السياسة الكويتية بتاريخ 9 أغسطس 2015 فيوسف ندا وثلاث قيادات إخوانية كويتية ورموز التنظيم الدولي تحركوا في خطوط متوازية لمنع عودة الشرعية والسيطرة على البلاد. كما فضح سعود الناصر مؤامرة إخوان الداخل ووصفها «بالهراء» وكشف عن طلبهم 50 مليون دولار لتمويل جيشهم الاسلامي !! أما رموز التنظيم الدولي فقد قابلوا صدام وناصروا غزوه للكويت واعتبروه جهادًا في سبيل الله وإن من يقاتل الجيش العراقي آثم !!. لقد تواجدت قيادة التنظيم بالكويت في الصفوف الامامية لمؤتمرات مرسى وجماعته التي وصفت صدام يومًا ما «بالمجاهد» وأزالت أعلام الكويت واللافتات التي تدعم الشرعية خلال الغزو. يكمن مأزق تنظيم الاخوان في الكويت وسادتهم في التنظيم الدولي بالخارج، أن جريمتهم بحق الكويت إبان الغزو موثقة بالصوت والصورة، وتصريحاتهم وبياناتهم لا تزال تشهد عليهم، لكنهم يراهنون على أن الغالبية العظمى من الجيل الحالي لم يعاصروا تلك الحقبة. لمزيد من التفاصيل اقرأ جريدة السياسة الكويتية عدد تاريخ 9 أغسطس 2015.
مشاركة :