توقف كثيرا عند ما جاء بالأديان السماوية أن الله نفخ في الإنسان من روحه، فكيف يعينه ذلك على إدراك الحقائق ومعرفة الإجابات ؟ وإذا كان أحد فصي الدماغ يحسب ويفكر، والفص آخر يتخيل ويبدع، فمن أين يأتى الإلهام؟ وما تفسير الظواهر الخارقة؟ فليس الجميع مدعين، إذ مر بنفسه بتجارب لم يستطع تفسيرها، حينما تعرض لاختبارات طارئة، ولم يكفه ما لديه من معلومات وحسابات ، فركن إلى مأوى صامت في نفسه تسكنه الثقة والهدوء والأمان، وجاءت الحلول دون حسابات، أفكارا ملهمة أو خيالات أو أحلام أو حتى مضمونا لأغاني أو أعمال فنية وردت بخاطره.هل هذا ما يعنيه القول "استفت قلبك"؟ ولماذا تكون الاستخارة بالصلاة أو بالتأمل وفقا للمعتقدات الدينية والروحية الفردية؟ ولماذا ارتبط الإلهام عند عباقرة وفنانين ومفكرين بالفترة ما بين اليقظة والنوم أو بحالة مزاجية وعقلية يصل بعضهم إليها بالشراب؟ لقد علم أن كل تلك السبل تهبط بذبذبات المخ الواعى إلى الحد الذى يمكن الفص المبدع من العمل - بعيدا عن الحسابات - وتلقى الإجابات.فما هو طريقه لتصبح الظواهر الاستثنائية حقائق مستمرة وطيعة؟ لمعت فى ذهنه الصلة بين الخلق والخالق بالروح الإلهية، فوجد أن ضميره يسير على هدى الله، بل ويشعر أنه متوحد مع ذلك العقل الكونى العظيم الذى يمنحه المعرفة والإجابة، التى يسكن إليها دون مجاهدة أو مكابرة أو تعجل أو إصرار، أن إيمانه القوى بالخير الذى يفعله يجعل آماله تتحول لحقائق، فهو من جنود الله الذى لا تعترضه عقبات أو قصور، ويخلق الظروف والتجارب التى ترشد من يحب، ومن يطورون فى أنفسهم المعرفة والمحبة والتوحد، ومن يتجنبون الابتعاد عن طريقه حتى لا يقعون فى الخطأ.إنه يقبل ويتوقع الطيبات التى يمنحها الله، وتمتد صلته بجلالة إلى التوحد مع مخلوقاته والتعاطف والتسامح والرحمة تجاهها، وأن تلك الصلة عبر مأواه الصامت تلهمه الإبداع، وتجعله يخدم الله بقوة وشجاعة واثقا من النجاح، فيكون متوحدا مع كل ما يمثل حقيقة وعدلا وجمالا ومحبة، ويتفتح قلبه دون حجاب لله، وتصبح الوفرة والخير والتفاؤل والحيوية حالة عقلية تتحقق فى أرض الواقع أنه يجد فى مأواه الكائن فى أعماق روحه راحة أبدية وملاحظة محايدة يقينية، تكشف له المستور والحقائق بالحدس دون منطق ودون الأنا يكفيه أن يستمع إلى الصوت الداخلى ليقوى فيه، وأن يصدقه، ويعتقد أنه يستحق الإلهام والإجابة على أسئلة موضوعية محددة واضحة، أن ينتظر الإجابة منتبها - دون تعجل ودون توقعات بعينها ودون تعلق بشيء - لتظهر فى أى من الإشكال التى حدثت عابرة واستثناء فى ماضية.حقا إذا كان الإلهام والإبداع والإجابات والحقائق والوفرة والخير والسعادة والحيوية فى متناولنا فلماذا نعجز عن أعمال روح الله التى نفخها فينا؟
مشاركة :