من نوافذ متعددة يطل الكتاب الشعري “كلمة أكبر من بيت” للشاعر والكاتب اللبناني عباس بيضون على الذاكرة والمدينة. يحضر فيه انفجار الرابع من أغسطس في بيروت كشبح، ويجد مكانه سريعا بين الكلمات التي تستعرض الذكرى، من دون أن يكون مركزا أو مرتكزا لها. يحضر كصوت، ويحوم فوق مدينة أشباح، وفوق ذاكرة متعبة أرهقها الوقت، لكنها تحاول النجاة بإعادة إنتاج نفسها بلا تذمر. وتحاول قصائد الكتاب، الصادر عن دار هاشيت أنطوان/ نوفل، استذكار الغائبين، كما درجت العادة في الشعر، ولكن هذه المرة يحاول الشاعر أن يضع حدا للعلاقة بين الزمن والكلمات، فيشيد لهما بيتا في كتاب. من غرفته المطلة على الغياب، ينظر الشاعر إلى الزمن، يراقب تفشي الصمت وتبخر الوجوه. ما بقي هو ذكرى نسيان وليس نسيانا كاملا، عمر يأتي ويذهب تاركا خلفه خيطا يفضي إلى البيت. في الطريق يتحدث الصوت مع صاحبه فيسمع مطرا يتعاقب. يرتاح العمر على السرير، حيث تستعد الكلمة للتحليق. تطفو القصائد فوق الوقت، تنهض من بين ركام الدقائق المستعملة. الخوف يفسد كل شيء تتناول رواية “الخوف من شيء ما” للروائي الإماراتي علي أبوالريش جانبا نفسيا مهما عايشه المجتمع في الفترة الأولى من انتشار وباء كورونا، وحالة الرعب والمخاوف والأفكار السوداوية حول نهاية العالم واستحالة السيطرة على الجائحة التي تهدد مستقبل البشرية. وتدور أحداث الرواية، الصادرة عن مركز أبوظبي للغة العربية في دائرة الثقافة والسياحة أبوظبي، في إحدى قرى دولة الإمارات العربية المتحدة؛ حيث يصاب بطل الرواية فيصل بفايروس كورونا ويشفى منه، لكنه لا يشفى من الخوف الذي خلفته التجربة في داخله، حتى صار في خصام مع الواقع وكلما فكر بالعودة إلى حياته الطبيعية يفشل في ذلك ليعيش تحت سلطة نوازع ذاتية ترغمه على السقوط في وحل الأفكار الأليمة، فيتحول إلى شخص آخر. الأمر الذي يحدث شرخا في جدار العلاقة بينه وبين حبيبته شيخة. ولا تخلو الرواية من تصوير للمجتمع القروي الإماراتي وعلاقاته وعاداته بين الماضي والحاضر من خلال الذكريات التي تمر في بال فيصل وشيخة عن طفولتهما والحب البريء الذي جمعهما منذ الصغر. حوار وذكريات كتاب “عيسى حسن الياسري أبواب العودة وأبواب الانتظار” للكاتب والمترجم العراقي عبدالهادي سعدون هو كتاب حواري ورغبة نقدية في الدخول إلى عوالم عيسى حسن الياسري، الشاعر والإنسان الأمس واليوم. نتعرف على الياسري طفلا وشابا، صحافيا وشاعرا ومشاركا في الحياة الثقافية العراقية، وعن حياته في العراق والمنافي قبل أن يصل إلى محطته الأخيرة كلاجئ في كندا هربا من الدكتاتورية والحروب. صفحات عديدة عن عوالمه وذكرياته وناسه وكتبه وأصحابه من الشعراء من مجايليه ومن أجيال وجنسيات مختلفة. ويتقاطع الذاتي والجماعي في سيرة الياسري التي يتناولها الكتاب مقدما منتخبات شعرية له في ختامه. ويظن سعدون أنه قد ساهم بشكل وآخر بحمل الياسري من مضيف عوالمه الشخصية وشعريته الخالصة إلى مضيف القارئ النبيه المتعطش للقراءة والتقرب والاستزادة. ويقول سعدون “إن كان الشاعر بعيدا جغرافيا عن العراق، إلا أنه استمر يدور حول العراق ووضع العراق وثقافة وآداب العراق، بلدنا المشترك، والدوران حوله وحول أسماء كتابه ومناطقه ومدنه وأحواله المتغيرة منذ منتصف القرن العشرين وحتى اليوم”.
مشاركة :