لا تَعْذِلِيْهِ فإِنَّ العَذْلَ يُوْلِعُهُ قد قُلْتِ حَقاً ولكِن ليسَ يَسْمعُهُ هذه قصيدة مشهورة قالها ابن زُرَيْقٍ البغداديُّ، فمَن هو ابن زريق؟ إنه شاعر مغمور، جُهِلتْ أخباره وتفاصيل حياته، وعندما نبحث عن مصادر هذه القصيدة نجد أنها وردت بسندين: الأولُ ساقه ابن السراج: أن شاعراً بغدادياً سافر إلى الأندلس مستميحاً أحد أعيانها، فشغل عنه، ثم تطلبه فوُجِدَ ميتاً والقصيدة تحت رأسه. إن أول ما يوهن هذه الحكاية أن سندها إلى مجهول، ولم يُسمَّ الشاعرُ فيها، فيما وردت روايةٌ قوية مُسْندةٌ، ساقها السُّبكيُّ إلى محمد بن عِمران بن شاهين، أنه قال: أنشدني عليُّ بن زُرَيْقٍ،أَبُو الْحَسَن الكاتبُ البغداديُّ لنَفسِهِ، ثم أورد القصيدة كاملة. فهي إذاً لم تُقَل في الأندلس وإنما كان الشاعر يُنشدُها على الملأ، واسمه علي بن زُريق، ويكنى بأبي الحسن؛ وترجم الثعالبيُّ لأبي محمد بن زريق الكوفيّ الكاتب، قَدِمَ بغداد وأقام بها، وأورد نماذج من شعره، ولم يشر إلى هذه القصيدة، ومن خلال الشخصيات الواردة في ترجمته نستظهر أنه كان في النصف الأول من القرن الرابع، وهذا التقدير يوافق حياة راوي قصيدة ابن زريق، فهو ابن أمير البُطيحة عمران بن شاهين المتوفى سنة 366ه، فقد يكون على الأرجح هو شاعر العينية البديعة، أما قاصد الأندلس فقد يكون قد حمل القصيدة معه لتطابقها مع حاله.
مشاركة :