2016/10/20 ظهر في التأليف العربي ما يسمى بالتَّذْيِيْلِ، وهو أن يُؤلِفَ مؤلفٌ كتاباً يبدأه بنهاية كتاب سابق، والغالب أن يكون الذَّيل أقصر من المُذيَّلِ عليه أو يقاربه، لكن الغريب أن يتجاوزه في الحجم. ومن تلك الذيول التي تجاوزت الأصل المُذَيَّل عليه كتاب «الذيل على رفع الأصر» للعلامة عبدالرحمن بن محمد السخاوي (ت902ه) وكتابه هذا ذيلٌ على كتاب شيخه ابن حجر العسقلاني «رفع الأصر» وعند مقارنة العملين نجد تفاوتاً في الحجم، ليس سببه الحشو، فالسخاوي عالم جَهْبذٌ وإنما ذلك لتفاوت المنهج، فالسخاوي مُنَقِّرٌ مُتتبِّعٌ، فكان يُعنى بحياة المُتَرْجَم الاجتماعية، كذِكْرِ ولَدِهِ وأجداده، وهو منحى قد يغيب عن كثيرٍ من كتب التراجم، إن هذا الاستطراد الاجتماعي قد تعترضُهُ مسألةٌ فقهية أوتاريخية أو لغوية فيبسطُها ولا يقنعُ بطرح إجابة المُتَرْجَمِ لهُ، بل يعرِضُ رأيه ويناقش آراء غيره، كما في ترجمته للدَّمَامِيْنيِّ حين عرضَ لإجابته عن قوله تعالى: «إن تبدوا الصدقات»، كما أنه يُصحِّحُ ماسلفَ من أخطاء في تواريخ المولدِ والوفاة أوالأسماء، كما في ترجمتِهِ لمحمد بن عبدالمنعم بن داود، ويستدركُ ذلك. ويحلي الترجمة بأقوال تدلُ على فضل المُتَرْجَم ينقلُها عن أصحابه ومُريديه، ويزن الأشعار بميزان الجودة والركاكة، كما في شعرٍ أورده لبرهان الدين البِّقَاعي. أو يُصححُ روايتها كما في أبياتٍ قِيلتْ في القاضي أبوالحسن بن أبي الشوارب. إن الذيل قد يكون أقوى وأشد أسراً من الأصل وهذا ما نراه في هذا الكتاب.
مشاركة :