2016/10/27 في تراجم المتقدمين أيًّا كانت تتوارى المرأة بل تُفْقدُ فلا تَجِدُ لها ذكراً ولا أثراً في تلك التراجم، وبإمكان أي قارئ أن ينظر في تراجم كثيرٍ من الأعلامِ ليجد حضور الأم والزوجة والبنت والأخت مفقوداً، وكأن هذا الرجل ليس في حياته من تلك النساء واحدة. إنّ سببَ ذلك يكمنُ في ضمور أخبارهن التي تقدِّمُ مادةً في ترجمة هذا العلم، فيتم تجاهلُها. ولولا المتنبي لما عرفنا أنّ لسيف الدولة أُختاً، ولا عرفنا أُم أبي نواس «جُلُّبَان». إن حضور خولة كان حضوراً للمتنبي في حياة سيف الدولة، وحضور جلبان كان نكاية في أبي نواس مَهْجيَّاً، وليس حضور إحداهُنَّ حضوراً شخصياً في حياة سيف الدولة أو أبي نواس، بل هو حضور مُتعلق بسبب. وعلى النقيض من ذلك نجد أن للمرأة حضوراً ظاهراً في سير المعاصرين، فعند جبران نجد حضور مي زيادة، وتتبعاً لرسائلهما العذرية، والعقاد يُفتَّشُ عن المرأة في حياته، ومَن هي سارة التي كتب باسمها رواية؟ وفي سيرة طه حسين نجد حضور زوجته سوزان. ونجد كثيراً ممن كتب سيرته الذاتية فيها حضور لأم أو الزوجة أو الأخت وهذا كثير. وقد نستثني من التراث ذلك كتب الأنساب القديمة، التي كانت تُعْنى بذكر الأم، بل وتُتقصَّى في بعض المواضع فتذكر الأم وأُمَّها ومَن علا منهن.
مشاركة :