في مطعم الطائرة بكيت ! | إبراهيم معتوق عساس

  • 9/14/2014
  • 00:00
  • 22
  • 0
  • 0
news-picture

نشرت إحدى الصحف قبل فترة قيام أمانة من أمانات المدن بسحب طائرة جامبو خربة من المدينة المنورة إلى جبال عسير بحجة أن جسم الطائرة الضخم سوف يُحوَّل إلى مطعم سياحي على جبل من جبال عسير، واستغرقت عملية السحب أيامًا، ونظرًا لضخامة الطائرة الجامبو فقد أدى سحبها تلك المسافة الطويلة إلى تدمير طرق وأعمدة كهرباء وبنية تحتية وقطع الكهرباء عن قرى ومدن حتى وصلت إلى مستقرها الأخير. والواقع أن مثل هذا التصرف الغريب الذي يبدو أنه لم يقم على دراسة أو تصوّر صحيح أو حساب لما ينتج عن عملية السحب والنقل من مخاطر وتلفيات، هذا التصرف والإجراء يدل على أن من قام به لم يُفكِّر جيدًا فيما ستؤدي إليه فكرته عند تنفيذها من مخاطر ومشاكل وخسائر، وأن هذه الفكرة إما أنها مجرد نزوة أو حلم ليلي تم تنفيذه مع إشراقة صباح اليوم التالي دون تدبير أو تفكير، وهذه من الأمور التي لا يحسن صدورها من أي موظف مسؤول مهما كانت درجة الوظيفة متواضعة، وكيف إذا كان في موقع مسؤولية يسمح له بهذا الإجراء الذي تم بين مدينتين، إحداهما في شمال المملكة والأخرى في جنوبها، والمسافة الممتدة بينهما تصل إلى مئات الكيلومترات، وإذا كان ذلك المسؤول قد تصرَّف بطريقة غير مدروسة، فأين جهات الاختصاص الأخرى، ولماذا سمحت له بمثل هذا الإجراء، وأين رجال المرور، وأين الجهات الرقابية، وأين نزاهة، وهل أقرت وزارة الشؤون البلدية والقروية هذا الفعل، أم أنها لم تعلم عنه لأن الموظف لم يشاورها فيه باعتباره "قد قدح من رأسه" ونفّذ الفكرة، وأوصل الطائرة برًا إلى الجبل، وهو سعيد بما فعل، لأنه سوف يرى مرتادي الطائرة يغنّون: "في مطعم الطائرة بكيت مهما بكيت"، لأنهم يتذكرون ما سببته لهم من معاناة. إن مثل هذه التصرفات المرتجلة تؤثر تأثيرًا سلبيًا على سمعة أي جهة إدارية أو مالية أو فنية تقوم بها، وبدل أن يكون الهدف منها الفخر بها، فإنها تصبح موضع سخرية من المجتمع، الذي راقب وتابع سحب الطائرة من الموقع الذي كانت فيه هامدة، مرورًا بالمصائف حتى المستقر المختار، ففعلت من خلالها الأفاعيل، فإن كانت قد اعترضها عامود نور طرحته أرضًا، وإن مر موكبها المهيب على خط خدمة دمّرته، وإن اعترضتها أشجار قلعتها، أي لم تصل إلى مستقرها الأخير إلا وقد تسببت بتغيير معالم خط سيرها، وأدت إلى خسائر مادية فادحة، فأين العقل والمنطق من كل ما حصل. وأخيرًا.. وبعد أن رأينا مثل هذه الاجتهادات غير الموفقة وغير المدروسة.. نتمنى على وزارة الشؤون البلدية والقروية أن تضع خطة متكاملة لتنمية المناطق السياحية وتأهيلها لتصبح سياحية فعلاً، وحتى لا نرى مستقبلاً اجتهادًا آخر يتمثل في جر باخرة أو حاملة طائرات من عرض البحر حتى قمم أو سفوح الجبال، وعندها لا ندري مدى الدمار الذي سوف ينتج عن ذلك والله الموفق. assas.ibrahim@yahoo.com

مشاركة :