سيّارة (ن) عن منّة الناس تغنيك موديلها بالحيل ما هو ضروري ما دامها تمشي وتقضي مقاضيك أهون من المنّة وضرب الصدوري كتبها أحدهم على مؤخرة سيارته الوانيت ذات الموديل القديم واللون الأشهب. من ناحية الفكرة يعتبر كلاما عاطفيّاً يدل على القناعة بالحال ولكن من الناحية النظامية قد لا نتفق معه تماما. صحيح إن الحالة المادية عند كثير من الناس اليوم لا تسمح بشراء سيارة جديدة حتى كل عشر سنوات ولكن لابد أن تكون جميع السيارات ومن أي موديل أو سنة صنع بحالة جيدة يُسمح لها بالسير على الطرقات. أضرار السيارات المتهالكة كثيرة منها ما هو متعلق بتعطيل حركة السير والمرور على الطرق الدائرية والمحاور الرئيسة ومنها ما هو متعلق بتلويث الهواء بالسموم والأدخنة وهذه مشكلة حقيقية. تدنت جدّا درجة نقاء الهواء في المدن الكبرى وخصوصا العاصمة الرياض إلى مستوى ينذر بالخطر وأكبر مُسبب لهذا التلوث هو عوادم السيارات وبالذات القديمة والمتهالكة منها. أكثر من يعيد الحياة لمركبات تالفة هم العمالة الوافدة إذ يتشارك مجموعة منهم في قيمة (شبه) سيارة وشوية تصليحات من هنا وترقيعات من هناك ثم تصبح كاملة الأهلية (من وجهة نظرهم) لتجوب الشوارع والطرق المكتظة بالسيارات. لا أتمنى بأن يأتي من يدافع عنهم بعذر دخولهم المادية المتدنية وعدم قدرتهم على شراء سيارات جيدة مكتملة الشروط والمواصفات. في جميع دول العالم لا يُسمح بتاتا بسير سيارات متهالكة مثلما هو الوضع هُنا للأسف الشديد. صاحبنا الظريف الذي كتب قناعته على مؤخرة سيارته ربما قَصَدَ من ذلك تخفيف توتر من يسير خلفه حينما يقرأ هذا النص الشعري الساخر. ولا اعتقد بأنه يُحرّض على عودة السيارات من مقبرة التشليح، أو هو ربما كان يستعطف رجل المرور فيما لو تم إيقافه بسبب عدم صلاحية سيارته للسير. على أي حال أنا على يقين بأن رجل المرور في الوقت الحالي لا تلفت انتباهه تلك السيارات التي لا تُرى من كثافة الأدخنة التي تخرج من شكمانها. ولم أر في يوم أن أوقفت دورية مرور سيارة متهالكة مثل تلك. يقول الناس إن جهاز المرور يحتضر فكيف تطلبون من رجل مريض وعاجز بأن يتحرّك ؟
مشاركة :