رمضانيات.. - عبد الله إبراهيم الكعيد

  • 7/12/2013
  • 00:00
  • 25
  • 0
  • 0
news-picture

قال عبيدالله الوراق: في زماننا كنّا نطبق مفهوم "سمننا في دقيقنا" فكان المُزارع من أهلنا وبني جلدتنا وكذلك الحاصد والجامع والطحّان والخبّاز والإسكافي (الخراز) والبنّاء وقالع الصخور والأسنان. عشنا متحابين متوادين يعطف بعضنا على بعض ونتقاسم اللقمة كما نتقاسم الوجع والشحّ. لا يشعر أحد منّا بالغربة ولا الوحشة وهو بين ظهرانينا. دار الزمان وتبدّلتْ أحواله. غزت الربوع أسراب من الجراد، أتت من كل جهات الكون وتغلغلت في كل مفاصل الحياة. تخلى الناس طوعاً وبعض الأحيان كُرها عما كانوا يعتاشون منه وحل الجراد مكانهم بل احتلوه. ضعُف الإنتاج وأصاب بلاء الغش كل شيء بلا استثناء وتفشّت العطالة بين الحضر وفي النجوع وحتى الأرياف. قام الشعراء والمفوهون من الخطباء آنذاك بتحذير الناس من هذا الخطر القادم لكن الناس في غيّهم سادرون وعن أحوالهم غافلون فتفشى الجوع واشتكى من لا عمل له من الفقر حتى قيل والله أعلم أن البعض من الفقراء وصل بهم الحال أن يستجدوا اللقمة من الأغراب. يقول عبيدالله الورّاق مواصلاً حديثه: في عصرنا لم يك لحُجّاب الوالي دواوين يقبعون بها طوال ساعات الدوام بل كانوا مع الناس يختلطون وفي الأسواق يفتشون ويراقبون، بأيديهم الدرّة يقمعون بها كل غشاش ومطفف للمكاييل والموازين ولو تمادى التجّار في غيهم طلب حاجب التجارة من القاضي الحكم على المخالف فوراً أمام الناس. توجّع عبيدالله الوراق وهو يقول: سمعت بأن خبراء الشغل لديكم درسوا حال السوق اليوم فوجدوا بأن مقابل كل عشرة يعملون فيما تسمونه "القطاع الخاص" هناك سعوديان فقط..! وهذا لم يحدث أبداً في عصرنا ولا في عصر التابعين لنا أو تابع التابعين. أيها القوم: لم نعهدْ شاهبندر التجار في عصرنا ولا حاجب العمل يقول "هذه بضاعتكم ردّتْ إليكم" لأن الصانع والمدرب والتاجر وغلماننا الأشداء كما حاجب الدولة والوزراء كانوا كالجسد الواحد يرفد بعضهم بعضاً، يسنده ويعضده فلا شروخ في جسد الأمة ولا تخاذل عن أداء الأمانة. أسمع بأنكم تقولون عمن يعود لوعيه بعد التخدير للعمليات الجراحيّة بأنه استفاق وأقول ما أحوجكم إلى استفاقة من غفلتكم بالانتباه إلى حال سوقكم وما يدور بها.

مشاركة :